loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

النقد الأدبي والقمع الثقافي

breakLine
2022-06-30

جعفر حسن / كاتب بحريني

 

يشير جابر عصفور في كتابه (تحديات الناقد المعاصر) إلى أن النقد الأدبي الممارس في مناطق القمع الثقافي يتميز بأنماط محددة تتمثل في كونه عمل نقدي عملي تطبيقي خالص ، عاطل من باب المسائلة الذاتية التي ينقسم فيها الناقد على نفسه أثناء ممارسته النقد كما يغلق باب النقد الشارح الذي يمثل ما بعد النقد ، ويكون النقد في هذه الحالة خال من العلم أو المعرفة بأجهزة النقد وآليات عملها وإمكاناتها ، كما لا يعرف النقد النظري الذي حسب جابر عصفور لا يقل أهمية عن النقد التطبيقي بل قد يفوقه في مناطق ومواقيت التحول الحاسمة.
ولعل تلك المقدمة أن تكون ضرورية نتيجة لممكناتها في استيضاح مجموعة الممارسات النقدية التي نراها في الساحة ، والتي تتميز عادة بذلك النوع الذي يمشى في طرقات مأمونة نابعة من مجموعة من الظروف التي وطن الناقد عليها نفسه ، حتى تبدو نابعة من رقيب ذاتي يتحسس القول الذي لا يذهب إلى أي مكان كي لا يقول ما يزعج المتلقي عامة ، فيبتعد عن أحكام القيمة التي يمكن أن تدخله في جدل واخذ ورد من قبل الجمهور والمبدعين ذواتهم ، فلم نلقى مثلا في بلادنا من النقاد من يقارن بين رواية الاقلف لعبد الله خليفة برواية فريد رمضان التنور من حيث الجودة الفنية في المعالجة وعلاقتهما بإبراز النوازع الانسانية العميقة للهوية ، ولم نجد من يضع تحديدا لقيمة مجموعة من الاعمال الروائية التي كتبت في ظرف أربعة وعشرين ساعة والتي حصدت بعض الجوائز ، أو على الاقل توضيح تلك القيمة الكامنة في الفضح الذي تمارسه روائية عريقة مثل ليلى العثمان في روايتها حكاية صفية أمام السرد الفضائحي لرواية على شاكلة بنات الرياض.
فنجد أن الناقد عندنا يبتعد عن تلك النقاط الحساسة التي يمكن أن تثير عليه ما ينثره من غبار جماعات تشكل اتجاهات الضغط المجتمعي كمؤسسات سياسية واجتماعية و اكاديمية أو تقيه الاصطدام بتراتبيات السلطة من اسفل الهرم حتى السلطة السياسية في اعلاه ، أو ما يمكن أن يقوله ويضعه في طائلة القانون الذي يعبر عنه بقانون الحسبة الذي يشكل وجوده في القانون سمة غالبة للبلاد الاسلامية . ولعله قد لا يغيب عن ذهننا  ذلك الناقد الذي يؤمن بحس العودة إلى الماضي التليد في الأدب فيروج لأنماط مكرسة في مساحة الانتاج الأدبي ويدافع عنها دون مساءلة للمنتج في ذاته وشروط انتاجه وإبداعه ومتلقيه.
وقد تبدو هنا المسألة تمس جانب تلك العلاقة التي تقوم في داخل النظر النقدي مع الايدولوجيا والتي تبدو معظم النظريات النقدية وكأنها خالية من تأثيراتها ، وذلك على اعتبارات عديدة ، منها أن هناك قدرة عالية لدى المنظرين على اخفاء اتجاهاتهم الجوهرية ، ولعل الذهاب نحو المتعالي في النظرية يشتت النظر عن طبيعة تلك العلاقة ، بينما يتصف الاجراء النقدي بحد من الصرامة لا يمكن أن يشف عن تلك المقاصد العليا التي جاءت معه من مجموعة المعتقدات التي تلازم الناقد كإنسان يعيش وسط المجتمع ، وقد يمكننا ذلك من النظر إلى الناقد على اعتبار انه يصنف من البعض على انه طليعي أو رجعي أو متخلف وما شاكلها من الاحكام التي تحمل في داخلها دلالة قوية تميل نحو ملء التوصيفات بشحنات عاطفية سلبية.
ويشير جابر عصفور بكثير من الحرفية في ذات الكتاب إلى كون الناقد الذي ينتج النظرية النقدية على أنه عبارة عن حالة نضج لمجموعة من النصوص المؤسسة التي يعاد تأويلها مرات ومرات حتى تلقى من يذهب بها نحو النص الكلي المعبر عن النظرية النقدية ، بينما لم يعد بيننا كثير من النقاد الذين يذهبون نحو اعادة التأويل.

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي