loader
MaskImg

الاخبار

اخبار ثقافية واجتماعية وفنية

ابوالهيل يكتب عن مذاكراته في إنشاء حديقة الرواد في مقالات نخيل

breakLine
2020-01-24

عن ساحة الزعيم وحديقة الرواد

تجربة صغيرة لإعادة إعمار العراق واحياء تراثه

مجاهد ابوالهيل

كنت أقطع الساحة التي تقع بين مجلة الشبكة العراقية التي كنت مديرًا لتحريرها والمدخل الرئيسي للشبكة، كانت تلك الساحة تشتكي من الإهمال بوجه المارة من الموظفين والضيوف، كما كانت تحكي قصة تاريخ مليء بالتحولات السياسية والاجتماعية والفنية، فمنها صدحت عشرات الحناجر وعليها مرت مئات الأقدام لرواد الإذاعة والفن والتلفزيون والجند والقادة الذين يحملون البيان رقم واحد، لا لكونها تذكرني ببقايا اول ستوديو لإذاعة بغداد التي تأسست عام ١٩٣٦ فقط، إنما لسبب اكبر من ذلك بكثير، اذ شهدت هذه المساحة المهملة اكبر تحول في تاريخ العراق وهو إعدام الزعيم عبد الكريم قاسم ورفاقه فيها وما أعقبه من تحولات سياسية في تاريخ العراق الحديث.
كنت اسمع عشرات الحكايا من افواه الباقين على قيد الحياة في مبنى الإذاعة والتلفزيون، فقد ادركتُ عددا لابأس به منهم اذ كانوا يكنون لي وداً ومحبة كمكافئة منهم لإصغائي المتكرر لأحاديثهم عن ذلك الزمن المكتنز بالبدايات الجميلة.
وكانت الأسئلة تتجمع في رأسي، لماذا أُهملت ْ تلك المساحة الصغيرة من الأرض ولم يشيد عليها تمثال للزعيم عبد الكريم قاسم في ذات المكان الذي تم إطلاق الرصاص فيه عليه ؟.

ظلت تلك الأمنية تلازمني كلما مررت على هذا المكان المهمل الى ان أصبحت رئيسًا لشبكة الاعلام العراقي وصاحب القرار الاول فيها بعد المؤامرة التي قمتُ بها مع الاعلامي هيوا عثمان والفنانة هديل كامل لاختطاف الشبكة لعام واحد من قبضة احزاب السلطة ، لكنني لم أتوقع ان تكبلني التخصيصات المالية والأولويات والروتين والرقابة وكل المعوقات الأخرى في الدولة العراقية التي اهملت ما هو اهم من امنيتي هذه، فكرت بمفاتحة امانة العاصمة ودعوت امينتها السيدة ذكرى علوش لاطلعها على المكان وأهميته التاريخية والفنية لكنها اعتذرت على الفور وتحججت بأولويات في العاصمة اهم من هذا الحلم القابل للتأجيل.

فكرت باللجوء الى القطاع الخاص لكي اجنب ميزانية الشبكة عناء الصرف ولم اجد أفضل من رجل الاعمال الوطني الأستاذ سعدي الصيهود الذي تسللتُ اليه من قلبه الذي يكن الحب والاحترام لزعيم الفقراء عبد الكريم قاسم، طرحت عليه الفكرة فوافق فوراً ليتبرع بإنشاء حديقة الزعيم التي يتوسطها تمثالاً برونزياً له يقف على ساحة تحمل شعار جمهوريته التي اصبح العراقيون يحّنون لزمنها الوديع .
باشرت كوادر شركة ربان السفينة أعمالها بشكل اسرع مما كنت احلم به واستقبلت الشبكة بعد شهور من العمل تمثال الزعيم الذي ابدع فيه النحات د . ايهاب احمد ليتم تسليم العمل بوقت قياسي وبديع .
لم تقف أحلامي عند هذا الحد ولم اكتف ِ بتمثال الزعيم الذي وقف شامخاً في نفس المكان الذي فارقت روحه الحياة فيه، اذ استثمرت وجود احد النحاتين المبدعين الشباب في الشبكة واتفقت معه على نحت مجموعة تماثيل لرواد الإذاعة والتلفزيون وبعض المشاهير ممن تركوا بصماتهم على جبين الذاكرة الفنية العراقية.
تم الاتفاق معه على الاسماء التي تستحق ان تتواجد بين نخيل وأضواء حديقة الزعيم وكانت اول مذيعة أنثى في تاريخ العراق فيكتوريا نعمان وتبعها كامل الدباغ ومؤيد البدري وعريان السيد خلف وزها حديد وزهور حسين وداخل حسن وآخرين.
اخيرا أصبحت حديقة الرواد بمتناول عيون العاملين في الشبكة وضيوفها وأصبح تمثال الزعيم عبد الكريم قاسم مأوى لكل محبيه ورفاقه الذين اصبحوا يتوافدون على المكان لإحياء ذكراه والتقاط السيلفيات معه، وتحولت أكوام الأنقاض والمزابل التي اجتاحت المكان لسنين عجاف الى حديقة غناء يتوسطها مسرح الرواد الذي تحيط به تماثيلهم التي تعج بالحياة وتضفي على المكان رائحة الريادة دون ان تخسر الشبكة وميزانيتها فلساً واحداً على الإطلاق .
ورغم ان حمقى الزمن الجديد وصبيان الأحزاب منعوني من افتتاح تلك الحديقة / الحلم اذ قاموا باستعادة الشبكة إلى حاضنة احزابهم قبل ان نقوم بافتتاح تلك الحديقة، بعد ان أخرجونا نحن الثلاثة منها بمؤامرة خلت من الفروسية على مرأى ومسمع رئيس الوزراء الذي وقف مكتوف الأيدي والضمير الوطني ليتواطئ معهم ويخضع لضغوط احزابهم لتمرير تلك اللعبة التي اخرّت تطوير الشبكة عقودًا إلى الوراء ، وقد طلبتُ منهم ان يمهلوني اسبوعاً واحداً لافتتاح الحديقة وتكريم الرواد الأحياء لكن عطشهم للسلطة واستعادة الأمانة التي وضعتها الأحزاب بيديهم منعهم من إعطائي تلك السبعة أيام، رغم ذلك المنع استطاعت الشبكة ان تنفض غبار ركام الأنقاض من أكتافها بفترة قصيرة وتتحول إلى حديقة غناء تتوسطها تماثيل روادها الذين صنعوا اول وسيلة اعلام في الشرق الأوسط ويحرسهم زعيم الفقراء الذي يتوسط تلك المساحة بكامل أناقته العسكرية.
وان أصبحت للرواد حديقة جميلة زاد طمعي في احياء المكان اكثر فطلبت من محافظة بغداد ان يطلقوا اسم " اذاعة بغداد " على الشارع الذي يؤدي اليها في منطقة الصالحية ببغداد .
ما اريد الوصول له في هذا الزمن المر هو اننا نستطيع أعمار العراق بهذه الطريقة دون ان نكلف ميزانية الدولة درهمًا واحدًا لو امتلكنا الإرادة لذلك، فلو قام كل مسؤول بإعادة ترميم ما يحيط به من مساحات قسى عليها الزمن لاستطعنا ان نعيد العراق للعراق و "نقيم عاصمة النخيل بديلا ".

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي