يعنى بالسرد القصصي والروائي
عبد النبي فرج || قاص مصري
الصرخة القوية , كانت كفيلة بتنبيه الجالسين على المصاطب , ومن فى البيوت والمارة , تركت الدكان , وذهبت لأرى ما يجرى ,لم تكن الصرخة بعيدا عن الدكان , مجرد عشرة أمتار لا أكثر فى مفارق الشارع , اقتربت وجدت شاباً غارقاً فى دمائه , يتحرك فى دوائر , وهو يتألم , ينظر إلى الأرض ويداري وجه بيده وفى المقابل وقف شاب فى يده مطوة قرن غزال , ويمسك بيده الأخرى تليفونا محمولا , وهو يزعق , أيوه , قلت لك , شارع السوق , بسرعة , لو استمر فترة طويلة , هيموت , أنت فاهم , قلت بسرعة " نقول ثور يقولوا أحلبوه .. أن جرى له شيء , حسابكوا عندي.
يده القابضة على التليفون ملوثة بالدم رغم أن المطوة فى يده اليمنى ويبدو أنه تخلى مؤقتا عنها , عندما كان يخرج التليفون المحمول من سيالة الجلابية الزهري , والدم تناثر عليها ,حاولت أن أتبين ابن من المضروب , ولكن يبدو انه لم يكن من أهل البلدة , خاصة أن البلدة امتلأت بالغرباء , جزء من مدينة القاهرة وجزء من المنوفية , هجمة من غرباء يحزمون البلدة , كان المضروب ساكناً , لا يرد على أحد , جسمه متهدل , ينظر إلى الأرض , يرتدي بنطلوناً قديماً متسخاً ملطخاً بشحم سيارات, مخرم من أماكن كثيرة , وقميصاً رمادياً مفتوح الأزرار , يظهر صدره المشعر ,أما الآخر , فقد كان وجه الغاضب يبدوا عليه الطمأنينة وراحة البال , تساءلت بصوت ضعيف , هو فيه إيه ؟ لم يرد أحد التجمع يزداد , زوجتي نادت علىّ فتركت التجمع وذهبت إليها , فيه إيه ؟ردت على بغضب وبصوت حاولت إن يكون خافتاً ولكنها لم تستطع , أنت وقف فى وسطهم كده ليه ؟ قلت لها مش هيحصل حاجة , قالت وأنت أش عرفك ؟ كلها شوي وأهله يعرفه , , دول شوية بلاوى زرقا , ادخل جوه ! هو أنت كل ما تحصل مصيبة فى الناحية , تروح وتقف فى نص العركة , أحنا مالناش دعوة يولعوا فى بعض .
أحسست بالضعف , وان منطقها صحيح ولكن كنت أكابر, حتى لا اظهر ضعفي, وخوفي خاصة , أنني عندما رأيت المطوه, فى يد الولد, ورأيت شفرتها تلمح والتحدي فى نظرات الولد , خفت وتخيلت المطوة تغرس, فى جسمى آلاف المرات , حرّت , ووقفت على المصطبة , لا اعرف هل أغلق الدكان , أو أصر على كسر حدة الخوف داخلى, وداخل زوجتى , مر علينا الشاب الذي يقبض على المطوه بقوة ,زادت دقات قلبى , وزاد الحنق داخلى , وتمنية أن يلهمنى الله الشجاعة لكى أفرط أسنانه , وأمرغ بيه الأرض. ثورة تنتابنى وبى رغبة فى ممارسة العنف . يا حيوان أنتَ , بقولك هيموت , عندما ظهر وجهه فى نور الدكان تبين انه طفل ,لا أكثر, ولكن جسده ضخم ,يضاعف سنه , بدت يده ترتعش ارتعاشاً خفيفاً , ثم أغلق المحمول ووضعه فى السياله , واقترب من الدائرة المحيطة بالولد , ثم قال : حد يقول له , أن لا يتحرك , كل ما يتحرك النزيف بيزيد , خلوه ينام على الأرض .
سمعت صوت الإسعاف الذي توقف أمام الدكان , تحرك الشاب الذي يمسك المطوة من الشاب الجريح , وقال له : استند على , استسلم الشاب واستند عليه , وفتح باب الإسعاف الخلفي ورفعه بيده ,حتى دخل الإسعاف وجلس على الكرسى المقابل له , تقدم احد الموجودين يبدو أنه يعرف الاثنين وقال : أنا جاي معاك , قال بحسم لا محدش رايح معاه غيرى ,أذعن الشاب وتراجع , والمسعف سحب الباب وهو يغلقه , لمحت المطوة كانت ما تزال فى يده, لم يتخلى عنها وشفرتها كانت تلمع وتنعكس على الحائط المقابل للدكان .