يعنى بالسرد القصصي والروائي
ياسين مجلي || قاص سعودي
كم مرة كان مطلوب منك أن تعيش مجددا في تسليات رفقاء الطفولة في الحي ، في غرفة بيتكم الصغير الغرفة المأتمّية حيث تتمدد جثة والدك في حر الصيف ورطوبته وجليد الموت ، في الطرق المفتوحة على بحر الأحزان من خلال قدر أصابك في مقتل وبشارة حزينة نقلها لك إمام الحي ومعهم أصدقاء أبيك وهم يقفون على رأسه الأن مع انك لم تشاهدهم برفقته من شهور طويلة ، هذا اطول يوم مرّ عليك كأنه دهر أهلنا والجيران بثياب بيض مشمرين عن سواعد وكأنها معركة يقفون على قبر مفتوح النعش ينسل في وداعة الغبار المواري على الغبار ، ليت هذا النهار تأخر في طابور طويل ولم يأتي سأقوم بالمهمة عنك لكن لا أريدك لا تأتي الرجال يدفعون بهدوء وانت تتمنى أن ينتظروا أكثر تريد أن تُضئ الشمس جسد شيخك المهيب العظيم أنزلوه وكأن أبواقا تعالت في صحبة درب الشهداء والرسل واهل الله وهم يعرجون به الى السماء ، هذا المشهد كله يتكرر مرة أخرى في وجدانك ولكن بطريقة منوعة ومزينة وبألوان أكثر كثافة وتبخراً انه إعادة لمشهد أخير لطفولتك وعالمك وكأنك تريد استخراج أكبر ملذاتك من الوحدة والأحزان والذكريات ، أستوا الآن على التراب كلهم لقد تجهزت أنت الآن بما يكفي لرحلة طويلة عليك ابتلاع قصة الموت وأن تمشي معه وحيداً وكئيباً تبتكر مقياساً حرارة لروحك لن يهب لك العالم روحه بوضوح ولكنه سيهبك حقائق جديدة انه الثواب الذي ستحظى به مقابل طاعتك المطلقة لجملة حادة قذفت بها الحياة في طريقك وبقيت معك في نسيج ذاكرتك حتى اليوم .
