loader
MaskImg

السرد

يعنى بالسرد القصصي والروائي

محاولة في الميتافكشن

breakLine

 

وعد حسين || قاص عراقي


بينما أشعة الشمس تسقط بقوة فوق الشوراع كان الظل يهرب ويغوص داخل الجدران، ولم يكن هناك احدا غيري يقف محتملاً هذا الحر اللاذع، اتصبب عرقا والتصق القميص ببطني، كانت دقائق من الجحيم. هذا الوقوف الذي اخترته كان منافياً لعمرٍ قضيته في السرقة. هذه المرة كنت أنا من يحمل الحقيبة ومنتظراً بأن يعود أصحابها، ثمة أمرٌ في غاية الغرابة، في الحقيقة هو من دفعني لكي أخطو هذه الخطوة، عندما سرقت الحقيبة صباحاً ووسط الزحام وبينما كانوا يلهثون من التدافع داخل السوق وبحركة سريعة جردت كتف المرأة من الحقيبة وهربت. عندما وصلت لنقطة مكانية منحتني الأمان قمتُ بفتحها ولم أجد فيها سوى بضعة عصافير ميته ومحنطة بطريقة بشعة. ذهلت ولم يكن في عقلي سوى إرجاعها، خوفاً من لعنة ما قد تصيبني لربما يكون هذا سحراً أو لربما هو علاج لمرضٍ مستعصٍ. أنا أقف الآن متحملاً هذا الحر وبيدي حقيبة ألوّح بها، مرّت ساعة على وقوفي وكان الصوت قادماً من فوقي هذه حقيبتنا، نظرتُ للأعلى، لم أجد شيئاً سوى البياض الذي يخترقه تقليم خفيف مائل للسواد، كان منظر السماء مختلفاً يشبه إلى حدٍ بعيدٍ معالم الورقة، ظهر الرجل والمرأة أمامي تناولا الحقيبة ودون أي كلمة أرادو الذهاب صحتُ انتظرا، التفتا إلي مستَفهمَين؟ في هذه اللحظة تحديداً بدت رائحة الحبر لا تحتمل من فمي. بصقتُ سائلاً أزرقاً ومسحتُ فمي وارتسم فوق الردن خط مضطرب كأنه صورة لبيان تخطيط قلب. قلتُ: ما قصّة العصافير داخل الحقيبة؟ تناول الرجل الحقيبة من المرأة وفتحها كانوا ينظرون داخل الحقيبة باستغراب. ضحكت المرأة بطريقة جنونية وجلست غير مبالية بحرارة الإسفلت ولا حتى النقطة المكانية التي شعرت بأنها تستند على شيء ما نحن لا ندركه. أخرج عصفوراً وبقي ينظر الي. في هذه اللحظة ظهرت يد باردة تشابكت مع يدي التفت ثم رجل ظهر فجأة لا نعرفه، بمعنى أدق اقتحم وجودنا دون أن نعرف كيف! قال: تلك العصافير هي دلالة تشويقية وضعها الكاتب للوصول إلى هذه اللحظة. بمجرد أن أكمل الرجل هذه الجملة نهضت المرأة ورحلتْ هي وزوجها. أما أنا فبقيتُ ماسكاً يد الرجل، تتسارع دقات قلبي للنهاية المحتومة والتي ستكون عبارة عن نقطة زرقاء تغلق عالمي إلى الابد.