loader
MaskImg

السرد

يعنى بالسرد القصصي والروائي

ما يسقط من التاريخ

breakLine

 


مهند الكوفي | قاص عراقي


انتصف الليل، خرج هادي مسرعًا يجر شوالاً معبأ بالطابوق الأسود والطين المفخور متوجها نحو النهر. متلفتا يمينا ويسارا وجهه المصفر يزيح عتمة الليل بلا خجل. اضطراب مشيته، تؤدي إلى خروج آثار قدميه عن المألوف. واضعًا علامات جديدة لنعله البلاستيكي يسمع أصواتا تنطق باسمه كان واثقا أن لا أحد خلفه لا شيء البتة محض أوهام تناديه واصل هادي المشي إلى النهر رمى الشوال وقف على الضفة وانتحر.

يعمل هادي جمعة وابنه حميد، في بناء البيوتات الطينية في إحدى قرى محافظة المثنى زوجته انتصار وجدوها بعد أربعة أيام غارقة في مياه النهر القريب من القرية المنزوية. وأغلق ملف الحادث على غير معرفة منه بنى هادي جميع بيوت القرية تقريبا، حتى قل عمله وقضى اغلب وقته جالسًا على ضفة النهر يصطاد السمك ويشم رائحة زوجته كلما مر النسيم يبدأ بالغناء الريفي الحزين فتأتي الأسماك على جمال صوته لا على طعم الصنارة عندما تغيب الشمس يرجع إلى بيته ويعطي الأسماك لحميد يصنع منها الشتاءات، استيقظ هادي على أصوات، الرعد هطلت الأمطار بعنف والمياه تحيط بحجرة نومهم الطينية حتى خيل له أن الطوفان قد جاء ثانية ليبيد الحياة ويطهر الأرض عانقت المياه أساس البيت فارتوى في الظلمة اي شيء تائه لأنه قد خرج من دائرة العينين المياه تتسرب من السقف خرج هادي متعثر وهو يصرح بجرع، تبعه للخروج ابنه حميد، وقفا قبالة المنزل والأمطار تغسل أجسامهم، وهم يرفعان رأسيهما إلى الأعلى كأن النشيد الوطني يحل محل الرعد ينظران إلى بيتهما كيف ينهار، وهما لا يقدران على فعل أي شيء سوى الدعاء وعبارة هادي عند حلول المصائب بالكزيز ولا بالعزيز اختبئا تحت مقطورة لسيارة نوع سكانيا بالقرب من بينهما جلسا تحتها ورأى هادي كلبين يمارسان الجنس، ضحك بصوت عال، دار الكلبان حول نفسيهما، وقد لزت أعضاؤهما التناسلية بقسوة إثر تناسلهما المتقد.

حينها، أصوات القرية تهز الأرض. وقد بلغ بهم التذمر مبلغا من أوضاعها المتردية القيا نظرة ما على حجم الدمار الذي سببته أمطار ليلة البارحة فيه. كان المطر قد نحت حائط البيت الأمامي معلنا عن طابوقي قديم بينما تكفلت الربح العالية بقلع باب الدار دخلا إلى باحة المنزل السقوف القصبية تعانق الأرض والشمس تكحل عيونها برؤية زوايا البيت المنسية عمل الاثنان على ترميم ما دمرته الأمطار، وجمعا مبلغا يساعدهما على انجاز تلك المهمة أثناء عملهما في بيت صديقهما وجارهما جمال منخي.


الذي يبيع المواشي في سوق الوقفة خارج القرية والذي اقترح على هادي السكن في حجرة حارس المزرعة إلى أن يبني بيته من جديد. وافق الأخرير بخجل

ذات يوم، اقترح حميد على أبيه اقتراحا متعبا، لكنه يغير حال بیتهم ويعطيه القوة والجمال معا وافق الأب بعد مناقشة وتفكير طويلين في صباح اليوم التالي استيقظ الاثنان استعارا عربة بحمار من جارهما جمال منخي واتجها نحو أطراف المدينة لجمع الحجر، قطعا معا مسافة ليست بالقليلة، ولما بلغا طرف المكان توقف حميد عندما رأى الحجارة المنقوضة تنتشر على الأرض بشكل كبير كان للأمطار فضل كبير في إظهار الحجارة فوق سطح الأرض ملا العربة بحجارة صلدة ملونة ثم فعلا راجعين إلى بيتيما الحرب قاما بتكرار هذه العملية سبعة أيام فجمعا وراء بينهما حجارة تكفيهما لبنائه على أكمل وجه. على أساس البيت القديم بنى هادي بيته الجديد من الحجارة والتي أثارت انتباه أهالي القرية وانتشر خير (هادي) بنى بيته من الحجر)، في وقت بنيت فيه بيوتات القرية من القرميد.

في صباح اليوم الثاني شرعاً ببناء بهما، فاشتري هادي من المدينة جصا واسمنتا بمبلغ كان قد اذخره من عمله في غضون عشرة أيام أكمل البيت وتجمع الناس حوله يتلمسون جدرانه الحجرية المطعمة بالأسود والأبيض واشتغل هادي نظام الدخلات والطلعات في الجدار الخارجي للبيت. اما الداخل، فيتكون من باحة خارجية ومجمع صحي وحجرة صغيرة ومطبخ بني في بداية الحجرة البيت الصغير هين التفاصيل، لكن صيته ذاع فيهم كبيت حجري معمول بخبرة تشكر هادي من صديقه جمال منخي على حسن الضيافة واحترامه لهم.

سكنا بيتهما الذي زينت واجهته برأس غزال أزرق صنع من الجص مخافة الحسد والأرواح الشريرة التي تدخل البيوت لهذه المناسبة جاء الناس لزيارتهما حاملين معهم الهدايا والأكل والمشروبات، تمتعوا معا في الحياة الهانئة.

هادي رجل يناهز الخمسين طويل القامة، كبير الرأس، ضيق الجهة أصلعها. يمني متثاقلا عند دخوله الحمام، يجلس على حجارة بيضاء واخرى سوداء، متجاهلا الزوائد من أكوام الحجارة التي جمعاها لبناء بيتهما العجيب واختارها مقعدا الحمامه وأخرى صغيرة، استخدمها لتحجير أخمص قدميه لإزالة الجلد الزائدة. والكثير من الحجارة استخدموها مثلا، أرجلا لثلاجتهم ذي سقوط الأشياء داخلها. القاعدة المكسورة، وحجارة وضعت على فوهة البالوعة خوفا من

صيف العام ۱۹۹۹ ، ذهب هادي كعادته مساءً إلى النهر ليمارس شعائره ويصطاد سمك الخشني ويغني سمع صوت زورق قادم من الضفة اليسرى، وأمواج النهر تسبقه وتخبر الجميع بقدومه.