loader
MaskImg

السرد

يعنى بالسرد القصصي والروائي

كابـــــــــــــــــوس أبـــــــــــــــوي

breakLine

 

 


فرج ياسين || قاص عراقي

 

بعد ذلك الفيضان صار يصحو كل يوم على طرقات كثيرة تعصف ببابه المخلّع الألواح ، بعضها طرقات ناعمة مرتبكة . وبعد احتيال – مهدد بالاشمئزاز – على أضغاث متجاورة من الخجل والرعب والتبكيت ؛ قرر فتح الباب ، فرأى ثمة طفلة صغيرة شقراء رقيقة مثل صدفة منتشلة توّاً من بقعة ماء قذرة ، قال لنفسه .. إن لها نظرة راعشةً وشحوباً ملكيّا. وفي حين مدّت يدها ، فكر أن يسألها من أية مدينة هي ؟
قالت إنها من مدينة أور أو مدينة نيبور .
وبما إن هذا الكابوس كان يتكرر كل مساء ، فان الفتاة الصغيرة التي جاءت في اليوم التالي أيضاً ، قالت إنها من مدينة نينوى أو لكش . بعد يوم واحد ادعت إنها من مدينة نفر أو أريدو .
لكنها في اليوم التالي أجابت قائلة إنها من مدينة ( تك ريتا ) . بعد يوم واحد لم تقل الصغيرة شيئاً ، لقد أسدلت جفنيها وخفضت رأسها أمام جلف الإحسان الذي وشت به دهشة الرجل الحانية ، فضجّ شيء ما في دمه ، وخطفت في أعماقه صور من زبد الاكتساح ، وقد وسمت آثاره الذرى والشطان والسفوح ، بيد انه تدارك انهمار أحلامه ، فانفلت مسرعاً إلى سرير ( عشتار ) ابنته الصغرى الشقراء اللامعة ، ذات النظرة الراعشة والشحوب الملكي ، فلم يجدها في الفراش.