يعنى بالسرد القصصي والروائي
أسماء الرومي / قاص عراقية
أسمع صوتاً ما، كما لو انها طقطقات مسبحة، أسمعهم ينادونني من بعيد، لا أدري من هم، وماذا يريدون. أرتعش بقلق، كلي يهتز، الصوت يقترب ويقترب، فتحتُ عينيَّ وأدرتهما يميناً ويساراً، تذكرت ما حدث لي، صدمة وفاة أبي، بقيت محدقة بمن حولي، جسدي النحيل غدا ثقيلاً وكأنهُ جذع شجرة يطفو على النهر، ما الذي حدث لي؟ لمَ فقدتُ وعيي؟ هل سامحته بعد كل ما فعله بي؟ هل محى خبر وفاته تلك السنوات وذاك الألم المحفور بسكينِ الخوفِ والذلِ والمهانة؟ أيُّ أبٍ ذاك الذي يبيع ابنته ليشتري بثمنها عشيقةً أو زوجةً جديدة؟ هل نسيتُ فعلاً حصاد الهم وكتمان الريبة وزواجي المشؤوم؟ أيعقلُ أن أنسى كل ذلك ولا أتحمل خبر موتِه، موتُه الذي تمنيته مراراً وتكراراً، موتُه الذي تأخر كثيراً؛ لقد فقدت وعيي حزناً عليه، أنا التي عاهدتُ نفسي ألا أهتمَ حتى لموتِه! من سيجيبني الآن؟ من سيقنعني؟ لا أحد. لا أحد يسمعني. جمعت قواي وأمسكت يد ابنتي ونهضت.. المكانُ فارغٌ، ليس ثمة أحدٌ، سوى كرسيٍ عند الباب جلس عليه ابي مطأطأً رأسه وبين يديه مسبحته الزرقاء يدور خرزاتها بصمت.
