loader
MaskImg

السرد

يعنى بالسرد القصصي والروائي

حمار صديق

breakLine


نايا ناصر | كاتبة وشاعرة سورية

 

تجلس من بعيد تراقب جدي 
وهو يمسد ظهر صديقه الوديع والذي لا يمل مجالسته طوال اليوم وهذا سبب كاف لتطلق عليه جدتي "ضرتي" لكنّها لم تخفي سعادتها بين الحين والآخر، بأنّه لم يستبدلها بامرأة!
يا حمار... يا حمار، تطلق العنان لغضبها، تنعته باسمه وكأنّه شتيمة، كنت استرق السمع لمحادثتهما حيث تقول لجدي بعد توبيخ صديقه المفضّل.. "ماذا  لديه وليس لديّ ها.. هيا أخبرني" يصمت لبرهة محدقاً بالأرض ثمّ يرفع رأسه وينظر في عينيها متحدياً "إنّه يستمع إلى كلّ ما أقول ، أحببته لأنّه حمار"..
لا أذكر أن خلافاً حدث بين جدتي وجدي، إلاّ وكان سببه صديق جدي المفضّل، في إحدى المرّات كانت تشد من فمه وريقات الخبيزة وتردد "يا حمار.. اتسرق طعامي المفضل، هذا ما كان ينقصني "و لأوّل مرّة ردّ الحمار بنهيق حاد، لتردف" منيح يلي سمعنا صوتك"، وحين استسلمت جدتي بأن يتخلى جدي عن حماره، لجأت إلى طريقة أخرى وذهبت إلى الحمار تعاتبه على سرقة زوجها منها، كيف يستمع له في كلّ شيء رغم أنّه حمار، اقتربت من أذنه و بوتيرة أخفّ وشوشت: ''الحمار علمني" 
لحسن حظي أنني الوحيد الذي امتطيت حمار جدي، كانا يمشيان معاً وجدي يجمع الحطب ويقول له عند نهاية كلّ عبارة: "هل تفهم" 
كان حماراً عاقلاً حتى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، وضع جدي رأسه بين  يديه، لم يتكلم واستمع لأنفاسه المتقطعة لآخر مرّة، أمّا جدتي غلبتها الدموع وهي تقول: انهض أرجوك سيبقى وحيداً، انهض لن أناديك يا حمار مرّة أخرى!
انهض.. 
من بعدك  سنعيش وحيدين...!