loader
MaskImg

السرد

يعنى بالسرد القصصي والروائي

جاري اللطيف

breakLine

 

اغصان الصالح / قاصة عراقيَّة

 

جاري اللطيف, هكذا أحبّ أن أسمّيه، لأنّي أؤمن أنّ للأسماء قوّة وطاقة قادرة  على أن تؤثر على صاحبها، كان بودّي أن أخبركم كم يبدو سيّئًا، ولكن في ذلك الصباح، عندما رأيته وهو يضع حقائب السفر في سيارة الأجرة، شعرت بشيء غريب  يغادرني، لا، أرجوكم ليس كما تظنّون, أنا لا أكنّ له أيّ مشاعر حبٍّ أو إعجاب على الإطلاق، إلّا أنّ سفره يعني أنّي لم أعد بحاجة لأن أبقي الستائر مسدلة طوال اليوم،  ولا أستيقظ مرّة أو مرّتين في الليل لأتاكّد من أنّ الأبواب والشبابيك موصدة بشكل محكم، وإذا نسيت شيئًا في السيارة فلن أضطر لأن ألبس بشكل يغطّيني بالكامل لأخرج وأحضره، ليس هذا فقط، بل سأبقى نائمة أيّام عطلة نهاية الأسبوع من دون أن يوقظني صوت جزّازة العشب خاصّته, ولن أضطرّ لسماع نكاته البذيئة التي يلقيها بصوته الجهوري على ضيوفه في حفلات الشواء التي يقيمها في باحته، وأخيرًا أستطيع أن أجلس أيّام الصيف خارج البيت، وأستمتع بالشمس من دون أن أنزعج من منظره وهو مستلقٍ على العشب يأخذ حمّامه الشمسي.
مرّت الأيّام، وأصبح لدي وقت فائض كثير، وأيضًا أصبحت أنام بشكل جيّد، وأقضي صباحات نهاية الأسبوع في السرير حتى منتصف النهار، أجلس أمام الشمس، وأترك لأشعّتها حرية تلوين بشرتي.
برغم ذلك، مازلت أشعر أنّ شيئًا مفقودًا ,لا أعرف ما هو! في ذلك اليوم، مساءا، وبعد أن عدت من النادي الرياضي, بالعادة انا لا آخذ حقيبة نسائية عندما أذهب للنادي، وأحتفظ بمحافظتي تحت مقعد السائق, قبل أن أذهب للنوم، تذكّرت محفظتي, خرجت بدون تردّد بملابس النوم، شورت قصير وقميص بلا أكمام،  وبينما أنا أفتّش عن المحفظة, سمعت صوت شخص يلقي عليَّ التحية, التفتّ فإذا هو جاري اللطيف، بدون أن أفكّر وجدت نفسي أحتضنه، لكنّي انتبهت لتصرّفي الأحمق هذا وماعواقبه, افلت يدي من حوله وأسرعت إلى البيت, أوصدت الباب جيّدًا, ثم  أسدلت الستائر .