loader
MaskImg

السرد

يعنى بالسرد القصصي والروائي

اللقمة الخانقة

breakLine


محمد علي إبراهيم الجبير  | قاص عراقي

اعتاد أهالي المدينة الطيبة خلال شهر رمضان المبارك، أن يقيموا
وجبات الإفطار ودعوة الصائمين اليها، ومن عاداتهم أيضاً طبخ عدة أنواع من الطعام حسب إمكانية كل كل  شخص. قبل الغروب تتبادل الناس بعضهم مع بعض بتوزيع نوع أو أكثر من  الطعام وإرساله إلى الجيران، وعندما يستلم الجار  الطعام من جاره، بدوره يرسل إلى جاره  نوع مختلف عن الطعام المرسل اليه، ويذكر أن أحدهم طبخ نوع واحد من الطعام ووزع منه على الجيران وارسلوا له أنواع مختلفة من الطعام وأصبحت لديه سفرة عامرة، وهذه العادات لا تختصر على تلك المدينة وإنما تشمل جميع مدن العراق.
قام الحاج زاهر وليمة دعا وجهاء المدينة، وقسم من أقاربه من الصائمين، وبعد أن تم نقل المأكولات المتنوعه على سفرة الطعام، كان من ضمن الأكل الذي وضع امام الحاج فريد أحد أقارب حاج زاهر نوع من الطعام لم يشاهده من قبل ولا توجد لديه معرفة به، وهو عبارة عن كرات صغيرة، لايدري ما بداخلها، ومغلقة بخيط رفيع!
حاج فريد  مسك الكرة في يده وجدها رخوة ولايعرف كيف تأكل فقرر أن يبتلعها، دون أن يفكر بنتائج بلعها، وبعد ان تأكد من انشغال المدعوين بالأكل، وبسرعة البرق تناولها ودفعها في فمه؛ وهنا حلت المصيبة به حيث إنها وقفت في بلعومه، لايستطيع بلعها ولايستطيع إخراجها وكادت  تخرج روحه! وفي اللحظة الأخيرة دفعها للداخل بأصبعه، وسحب نفساً طويلا؛
بعد أن بلعها وارتاح منها، أحس بوجود خيط رفيع متعلق في أحد أسنانه، وحينما أراد أن يزيله وجده متعلق بشيء، حركه  تحركت الكرة التي وصلت الى معدته. أحتار بكفية التخلص منه؛
اضطر إلى بلعه والحاقه بالكرة  التي استقرت في معدته.
اختص فريد بأحد أولاد عمه  حاج زاهر وسأله:
-ماهذه الكرة التي وضعت أمامي وبلعتها وكادت تقتلني؟
-إنها كرشة الخروف الصغير، وأن امي خبيرة بطبخ احشاء الخروف.
-وكيف ذلك؟
-تقوم  امي اولاً بتنظي الامعاء (والكرشة خصوصا) تنظيفاً تاماً لتكون جاهزة لملئها بالرز المخلوط مع اللحم المثروم والكشمش والبصل المقطع، وأنواع البهارات وتغلق الكرشة بالابرة والخيط الناعم.
-كادت تقتلني هذه الاكلة؛
-كيف؟
-بلعتها وخنقتني؛
-ضحك الولد، وقال له كيف استطعت أن تبلعها دون أن تفتحها؟ أن الذي يريد أكلها يقوم اولاً بفتح الخيط، وبعد ذلك يأكل مافي داخلها من الحشو المذكور وتترك جلد الكرشة.
-أكلتها دون أن اعرفها وأقدر ضررها من نفعها وكانت النتيجة اني قربت من الموت، لولا عناية الله.. لقد بلع فريد اللقمة الخانقة  و لم يقدرضررها وغص بها وكادت ان تقضي عليه...!