loader
MaskImg

السرد

يعنى بالسرد القصصي والروائي

" السقوط"

breakLine

 

 

محمد عواد - كاتب مصري

 ولا يزال يصرخ في وجوههم، بأن يصطفوا بنظامه، تتشابك أيديهم، فالطريق معتم ، إلا من ضوء خافت، يهتدي به السائرون، يتحمل مسئولية الأمر، ويخشى من عاقبة الفقد...

     لايعجبه الأمر، هو متمرد دوما، لاتروق له فكرة القطيع، يحب أن يغرد دوما خارج السرب، يرفض الوصاية والتبعية، يمارس فضوله دوما على كل مجهول...

     يعشق الوحدة ، ويسير دوما عكس الإتجاه، يستعذب الظلمة ، ويرى فيها الضياء ، لايكتشف الأشياء ولا تكتشفه،  إلا في دجى الظلمات،!!!!

     يحرر قبضته عنهما، في غفلة من عتمة المكان، يغادر قطيعهم، ينتحي يسارا، نحو ردهة شديدة العتمة، لم يباليا، إشتبكت قبضتاهما، معا، لم يلحظا الأمر، فالعتمة لايميز فيها من كان يتلوك ومن كان يسبقك، يمر القطيع كله، يبتسم إليهم مثل شبح لايرونه، بياض أسنانه يكشف ستر بشرته السمراء، التي تشبه ما هو قابع فيه، ينظرون نحوه، يرتعدون، ثم يغيرون وجهة أنظارهم، في الإتجاه الآخر، هم يعرفون أن الشياطين تحرس هذه الأماكن، لكنهم يعرفون أيضا، أنها تحب الأطفال أيضا، ولا تمسهم كالعجائز بسوء !!!!

       قرر أن يتبعهم، يلتقط بعض الحصى الملكية، يليقيها عليه، يختبر جرأته، هو يعلم شدة خوفه، كان دوما يعامله بقسوة ، ويود أن ينال منه بأي صورة كانت، حتى ولو فضح ستر رجولته، فبما بينه وبينه !!!!

     قفز من القبو نحو السرداب المعتم، لم يجده، سقط في هوة عميقة، إلتقطته، لم يصب بسوء، شعر أنه سافر أزمانا وأزمان ، ضوء مشمس، مبهر، بهو ممتد، عرش وصولجان، خدم وحشم وبطانه، فقد جرأته جميعها، لازال بين متنيها، مستسلما ، ترتعد كل أوصاله، هيئتها تشي بأنها مليكة الأرض، خمرية البشرة، متسعة العينين، مظلمة الجدائل، تتناثر حول جبينها وأرجاء شعرها، تنتهي كل جديلة ، بياقوتة حمراء، قرط يتدلى من اذنيها، يداعب جيدها اللامع ، يمتد لصدرها الصغير، تزينه قلادة رائعة من ذهب،  قدها الممشوق يحكي عن جسد ، رائع متسق، ترتدي سروالا قصيرا من حرير، يكشف فوق ساقيها الدقيقتين الرائعتين، كانتا تشبه أغصان الكافور الذي يملا محيط قريته !!!!

    وصيفتيها، تتقدما نحوها، راكعتين، تمدا كفاهما لتلتقطه منها، يغمض عينيه رعبا، يفتحها ، يكتشف الأمر، ثم ما يلبث أن يعود لما كان عليه، تومئ لهما، بالرفض، تجلسه على العرش، تأمرهم بمغادرة البهو، تسجد له، تقبل كفيه، ثم تقول:-

    أنت مليكنا العائد ، أنت زوجي وحبيبي الغائب عبر الزمن، تلثم خده، ثم تعانقه، تنزع عنه سترته المدرسية، تلبسه زيا من حرير، تضع تاجا مرصعا فوق رأسه، تعيد إحتضانه، وهو صامت خاشع ، يقترب الأمر به، أن يبول على ساقيه!!!!

     - سترى ملك أبيك، تنادي عليهم، تأمر بعربتها الملكية، تتأبط ذراعه الصغير، تتحرك به وسط الوصيفات المتراصات على جانبي الطريق ،

     اليوم موعد عرسها عليه، الجنود خارج القصر يرقصون، ويشربون نخب عرس مليكهم ومليكتهم، والعوام، يتناثرون، يأكلون ويشربون، لقد عاد مليكهم من رحلة الخلود، وعرسه اليوم، لن تدعه عوامهم، دون أن يكون عرسا، يليق بهما !!!

     تحول فجأة من صبي، لم يتجاوز الثانية عشر  لرجل يافع، هو معها في غرفتها الملكية، متكىّ رائع ووثير، يقبل كفيها، يلتقطها بين ذراعيه، يطبع قبلة فوق جبينها، تلقي برأسها فوق صدره، تعده بالحب، وتطلب أن يعدها بالوفاء، يكرر عناقها، يمر النيل أسفلهما، يسقي كل منهما الآخر من عذبه، تهبه ريقها، ويهبها ريقه، أقسما بإسم الألهة ألا يفترقا...

     يحمل خنجرا، يطعنهما من خلف ظهريهما، يلقيها في النيل، ويلقيه في الهجير، يسأله ، والخنجر مغروز في ظهره، يظهر قوته، رغم سقامه، وعذاباته، من أنت ؟ لماذا فعلت؟

  ينظر إليه شامتا، " أنا الحب" ، ثم يختفي !!!!

       يصرخ أحمد" لقيته يااستاذ، لقيته" اهو نايم هنا، في غرفة المقبره المظلمة" 
       
       ينهال عليه استاذه بعصاه القصيرة، ويصرخ في وجهه:-
" هو أنت يا"ولا "متبطلش نوم لا في الفصل، ولا في الرحله، ولا في مقابر الفراعنه"