السجدة الأخيرة

مازن جميل المناف | شاعر وكاتب عراقي

-مضى على احزاني خمسة عشر يوما، وانا اقيم في غرفتي حيث العزلة والاعتكاف، وذلك الخسران والتطفل في اوراقي، والبصاق على هذا العالم الآلي..
-وانا انفذ أوامر الشيطان بداخلي، يبدو اليوم وكل الايام هنا رتيبة 
باستثناء إستيقاظ صمتي فاجلس على كرسيّ المريح، أُعيد مجد النهايات والقذارة والجنون النتن،
لم يكن أمامي مفر إلا أن اهرول عارياً في حجرتي، أقرأ كل روايات الخيانة والجنس، وتمر زوجتي لتنظف الحجرة من قشور البرتقال.
تلك المزاجات جاءت تطهر نفاضة السكائر من تبغ ويلاتي!
واظل في غربتي وحيداً  حتى وقت العشاء، ثم أنام واحلم لتمر التساؤلات ويمر الجميع في رأسي، لقد امرني الرب بالراحةِ التامة
في كل سجدة كما تفعل العجائز على عتبات الدور القديمة...!
هكذا افر من اوهامي الثائرة واعود لالتصق بلحافي من جديد مع أحزاني الدائرة لعل الشيء الوحيد الذي يغفر لي هو البكاء..
مسكين هذا الانسان بداخلي في انكساراتهِ المتلاحقة، اشفق عليه من تلك التناقضات الكسولة وقرقرات الأراكيل واحاديث الجنس والموت وفتاوى الشر..
-ما يسمح به ضباب الوجع.
عند ذلك الدخان والخدر في زوايا الحجرة، أجلس مع ذلك الزائر الغريب، عند أطواق الليل والمبخرة خلف التنبؤات الزائدة صوب لحن رومانسي،
انها... يا رب الرسالة الأخيرة احملها كجنديٍ فار من المعارك العبثية.
ها انا اجمعُ اجزائي حيثما ذهبتُ، 
يغدو الأمر لعبة في نطرة شوق لطفلٍ تنساب منه الضحكات، كما ينساب الخمر من أيادي السكارى،
وأعود إلى الجوع ثانية، حيث الممرات الإسمنتية وذلك الصدى الذي يوقظ العصافير.
غدا اسافر يا امي! لقد انتهت الحرب بعدما تقطعت اطراف القصيدة،
فلا يوجد بيننا شجاع مازلوا.. يرددون آيات الشرف يتلونون في صلاتهم حيث الرقص على حافات الفزع. هناك تأتينا القروح في ضواحي الفقد، ومن جوار الله نرمم خطايانا الخجولة في خيم التفاوض...