loader
MaskImg

حوارات

حوار مع القاص والروائي ابراهيم سبتي

breakLine

القاص والروائي ابراهيم سبتي :
أعمالي اعتمدت الثيمة الغريبة والالتزام بمحددات الصنعة والتجريب

 

حاوره / سلام البناي
 

سارد لا يُنكر تأثره بمن سبقه؛ لكنه صنع أسلوبا خاصا به. عندما يذكر اسمه تعود بنا الذاكرة للشاعر الراحل كمال سبتي الذي نصحه بترك الشعر والتحول الى السرد القصصي والروائي لكي لا يُتهم بالسرقة. القاص والروائي (أبراهيم سبتي) اسم يحترمه النقاد وتعشق حضوره ودماثة خلقه الاوساط الثقافية والأدبية. احترف القص بعد أن تزود بموهبة ومخيلة واسعة لم تستثنِ الواقع المعاش بما يحمله من آلام وهموم. يتحدث عن منجزه الابداعي بثقة مطلقة وله في كل محفل بصمة مائزة ويحرص كثيرا على صنع شخصية قصصية بين مجايليه. ترك الوظيفة بدرجة خبير ليتفرغ للكتابة التي سنتعرف عبر هذا اللقاء على بعض أسرارها.
ــ بدأت شاعرا .. ماالذي دفعك كي تتحول للسرد ؟
تذوقت الشعر وقرأت كثيرا عنه في بداياتي وتأثرت بشقيقي الشاعر كمال سبتي وهو أحد أعمدة الشعر السبعيني في العراق. لكن نصيحة منه حوّلتني الى السرد عندما قال لي بأن الناس ستنظر الى شعرك وكأنه مني. فكان السرد الذي انغمست في أسراره وقرأت كل ما كان معروفا في وقتها من قصص وروايات. واحببته لدرجة اني كتبت فيه مبكرا من حياتي .
ـــ هل لديك بصمة خاصة تميزك عن الآخرين ؟
اي كاتب مبدع يجب ان يصنع بصمته الخاصة به . فالشاعر يصنعها من وعيه وثقافته وابداعه وكذلك القاص والروائي. جهدت كثيرا في صنع شخصية قصصية لي وسط أقراني وما قبلهم وما بعدهم. فنالت قصصي اهتماما مبكرا وأشاد النقاد بها. وفي عمري القصصي والروائي الذي يتعدى الثلاثين سنة، عرفت الحرفة جيدا وكتبت بوعي اخذتني له قناعتي بصنع اسلوب خاص بي. وفي السنوات الاولى، نشرت قصصي في ارفع مجلة أدبية عراقية وهي الاقلام التي كان النشر فيها يعد اعترافا بانك اديب وهي مسؤولية كبرى يجب الاحتفاظ بهذا المستوى في وقتها . وفعلا كان انتقائي لثيمات قصصي تتميز عما كان يدور في الساحة القصصية وقتها . البدايات مليئة بالخوف من الوقوع في النمطية التي وقع فيها البعض وهو ما جعلني اتريث كثيرا في الكتابة ولم استعجل النشر . فكان عليّ ان اهتم بجوانب القصة دون اهمال أي منها فاشتغلت على اللغة الهادرة والثيمة الغريبة والاسلوب الخاص الذي لازمني طويلا لأنتج قصصي عبر ثلاثة عقود من الالتزام بمحددات الصنعة والنظر الدائم للتجديد والتجريب الذي عليّ ان اواكبه كي نتحرر من النمطية والركود. فأنتجت ست مجاميع قصصية حتى الان .

رأيت نفسي

ـــ كم مرة كنت شاهد عيان في قصصك ؟ وهل تعوّل كثير على الخيال في سردياتك؟
الخيال القصصي والروائي، هو العنصر الذي يصل بالسرد الى المبتغى. فكونك تمتلك خيالا جامحا ، فستنجو من التكرار والسذاجة في تناول موضوعاتك. والخيال لا ياتي مصادفة، انما هو وليد موهبة واطلاع مستمر ودؤوب لنتاجات الاخرين التي تنمي بقصد او دون قصد لترتقي بالموهبة التي تحتاج الى رعاية وسقي دائم كالنبتة التي يجب ان ترعى والا أصابها الجفاف. فبالمخيلة الجامحة يكتب السارد نصوصه اضافة الى ما يلتقطه من مجريات بصرية يومية ستعزز دور المخيلة التي ستكون متحفزة للاستمرار في بناء النص . اما الكاتب فقد نجده في احدى شخصياته وهو يتحرك وفق أهواء شخصيته وليس وفق أهواء الشخصية المصنوعة من الخيال . وهذا ما وقع فيه أغلب كتابنا حين يصنع شخصية ما تجده هو نفسه يتحرك على الورق ربما دون شعوره . ولا انكر انني قد رأيت نفسي في بعض قصصي ورواياتي ولكن وفق معايير محددة للشخصية وليس نقل شخصيتي كإنسان الى الورق كاملة . واعتقد انها ليس سبة بان تكون الشخصية هي الكاتب نفسه لأنه يعيش وسط واقع وهو بشر مثل الاخرين فيتلقى ما يتلقاه الناس من هموم وصراعات وبؤس وآلام . وقد عرفت كتابا نقلوا شخصياتهم الحقيقية الى نصوصهم وصارت جزءا مهما من اسلوبهم على طول امتهانهم للكتابة . ان دور الشخصية الرئيسة في كل عمل، محكوم بالتأثر والتأثير وهو ما يصعب تفاديه في الكتابة .
ـــ التأثر الاول لكل كاتب لا يمكن تفاديه، هل تأثرت بكاتب ما ؟
التأثر ملازم لأغلب الكتاب. عند قراءتي السردية الاولى، تأثرت كثيرا بنجيب محفوظ حتى كدت احفظ أعماله عن ظهر قلب . فأحببت الحارة المصرية والشخصيات البائسة والمستلبة واسماء الشوارع والامكنة . انه تأثر جعلني اتخيل كل ما أقرأ وكأني أراه كفيلم سينمائي . ومن العراقيين تأثرت كثيرا بفؤاد التكرلي وغائب طعمة فرمان الذي كان اكثر الكتاب قربا من الواقع آنذاك . ومن الجيل الذي بعدهم قرأت كثيرا لاسماء كانت شابة ولها وقع كبير في القصة العراقية مثل جاسم عاصي وخاصة في كتابيه " الخروج من الدائرة 1974 وخطوط بيانية 1980 ". ومحسن الخفاجي في مجموعته " ثياب حداد بلون الورد 1979 " واحمد خلف في مجموعته " نزهة في شوارع مهجورة 1974 " ومحمد خضير في مجموعته " المملكة السوداء 1972 " . وكانت تلك المجاميع القصصية بمثابة استزادة وتاثر واشتياق عارم لكتابة القصة القصيرة . لقد كانت الاجواء في تلك الفترة محدودة ونحن نتلقف اي نتاج جديد دون متاعب او صعوبات لقلة الانشغالات التقنية كما حاصل اليوم ، ولان الكتاب كان مهما جدا لكاتبه فهو من يحدد ارتقاءه من عدمه. هذه البدايات نتجت عنها قصصا نشرتها في صحف ومجلات محلية قبل ان انشر في مجلات عربية معروفة .


ــ اين تجد نفسك ساردا في القصة القصيرة ام في الرواية ؟
كلاهما كتبته بنفس الهمة والجهد . الفضاء الروائي واسع وكبير وساحة مفتوحة لتحرك الشخصيات بحرية مطلقة . فتكتب اية موضوعة وانت مرتاح للفسحة الواسعة التي تمتلكها دون محددات القصر والطول . أما القصة القصيرة فهي أم الفنون السردية باعتقادي لانها أصعب وفيها تقنية عالية ودقيقة في معالجة الشخصية وتحركاتها وحواراتها . فتكون في ساحة مؤطرة لا يجب الخروج منها وتتسع لانها لا تتحمل . واعتقد جازما ان بداياتي القصصية قد جعلتني لا أخاف من كتابة الرواية، لان من يتقن القصة يدخل عالم الرواية بأريحية. كتبت اربع روايات حتى الان بداتها برواية نخلة الغريب عام 2002 واعقبتها رواية جنة العتاد عام 2010 ثم رواية سفر جال عام 2016 ورواية قصر الثعلب عام 2019 . وهي في نظري تكمّل الهم القصصي الذي اكتبه ناهيك عن انها تجعل من المخيلة مستفزة على الدوام . ان القصة القصيرة تجعلني أهيم في ملكوت من الخيال ارتد منه حين تنتهي الكتابة ويتوقف الانثيال فاكون قد حققت شيئا . وفي نفس الوقت تناول النقاد كتاباتي القصصية والروائية ، برضى تام وقناعة ولم يأخذوا عليّ مأخذ المقصّر في احداها .
ــ هل من جديد ؟
الكاتب لا يتوقف ما دام خياله ينتج ويتحرك لاقتناص الاشياء . انتهيت من كتابة رواية جديدة سميتها شجرة البنات . ولدي مجموعتان قصصيتان سأطبعهما تباعا . ولدي كتابان نقديان عن القصة القصيرة متناولا فيه مجموعة من الاسماء العراقية . واخر عن الرواية العراقية متناولا فيه اسماء روائية عراقية معاصرة .

*ابراهيم سبتي قاص وروائي عراقي عمل مديرا لإعلام وزارة التربية ومتحدثا رسميا للوزارة وخبيراً تربوياً فيها. نشر اولى قصصه في الصحف المحلية عام 1983 . اعدت بعض قصصه كتمثيليات اذاعية وتلفزيونية منها: وجوه في ذاكرة الليل / الطريد / مباغتة/ جبل. ونقلت للتلفزيون خمس قصص قصيرة ساهم في اعدادها بعض الاذاعيين المعروفين . اما وجوه في ذاكرة الليل فقد اعدها الناقد باسم عبد الحميد حمودي. الهاربان مسلسل إذاعي من 30 حلقة اعده الدكتور سليم الشمري.
ترجمت بعض قصصه الى اللغات الانكليزية والالمانية ونشرت ضمن دراسات عن القصة العراقية الحديثة . ساهم في تأسيس مجلة اور الادبية في الناصرية والتي كتب فيها معظم ادباء العراق المعروفين . نشر عشرات الدراسات والمقالات في دوريات ومجلات عربية متخصصة. شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات والورش الثقافية والادبية . شارك في مؤتمرات القصة والرواية العراقية . كتب عن تجربته ادباء ونقاد عراقيين وعرب . المؤلفات * الغياب العالي: مجموعة قصصية / صدرت عن دار الشؤون الثقافية العامة في وزارة الثقافة / بغداد / 2001 . * ما قالته الضواري في حداد الإنس / قصص / صدرت عن اتحاد الكتاب العرب / دمشق / 2002. * نخلة الغريب / رواية / صدرت عن دار الشؤون الثقافية العامة في وزارة الثقافة بغداد 2003 . * نهار بعيد / قصص / اصدار خاص / ناصرية 2007 . * الشاعر كمال سبتي في رؤى النقاد والاجيال الشعرية / اصدار خاص / 2007 . * جنة العتاد / رواية / دار الينابيع دمشق 2010. * بائع الضحك / ق ق ج / دار ميتوبوزميا 2012. * حيطان مسيلة للدموع / قصص / وزارة الثقافة / 2013. طائر في غيبوبة قصص وزارة الثقافة / الشؤون الثقافية 2014. • رواية سفرجل اصدار خاص 2017. الجوائز: *حاصل على جائزة القصة القصيرة العراقية عام 1992 . *حاصل على جائزة القصة القصيرة العراقية عام 2006. كتب مخطوطة: *امريكائيل/ رواية. *قصر المحبوب / رواية. *سحر الرواية / دراسات نقدية تحليلية لعشرين رواية غربية / الجزء الاول. والجزء الثاني سيكون لعشرين رواية عراقية لم ينته حتى الان . محنة القصة القصيرة جدا / دراسة. *طائر الفراديس / مسرحية بثلاثة فصول. *الاعلام الموجه / نظرة تحليلية.