loader
MaskImg

حوارات

الأدبية و المترجمة المغربية سلمى الغزاوي لنخيل عراقي:- الحياة هي الثيمة الأكثر إلهاماً في شعري

breakLine

حاورتها نخيل عراقي


وكالة نخيل عراقي/ خاص


ما هو مفهومك عن الشعر؟ وهل أثرت التكنولوجيا على كتابتك الشعرية؟

- بعيدا عن أن الشعر جنس أدبي تعريفه معقد، ولا يمكن القبض بالمطلق على سماته وخصائصه الفريدة لتحديد مفهوم نهائي له، أعتقد أنني أرى الشعر من أكثر عمليات الخلق التي تكون فيها الذات الشاعرة حاضرة، متجردة، وفاعلة في تشييد صرح لا نهائي من الكلمات والصور التي تملك القدرة السحرية على عكس الكثير من الهواجس والتجارب الإنسانية بغض النظر عن الشكل الذي يختاره الشاعر لإيصال كلماته/ رؤاه إلى القارئ، أيضا، النص الشعري في نظري بمثابة متاهة من الرموز والجماليات الأدبية المكثفة، وهو دفق من التساؤلات الحياتية القوية التي يبعثرها الشاعر في نصوصه كمحاولة منه لفهم الوجود، كبحث حثيث عن المعنى، وكذا للانبعاث والتحليق في سماء الإبداع، حرا من قيود الحياة التي انتزع واقعها المتردي الكثير من روحه المستنزفة..
في ما يخص تأثير التكنولوجيا على كتابتي الشعرية، لا أنكر أن بعض أسطري الشعرية المتناثرة هنا وهناك متحت فيها واستلهمتها من عصرنا الرقمي هذا، مثلا ثمة نص لي أسرد فيه تجربتي مع عرافة/ قارئة "تاروت" تقتحم بريدي الإلكتروني بقراءاتها المخادعة لطالعي.. إلخ، لكن، أهم شيء قدمته التكنولوجيا والمواقع لتجربتي الشعرية هو إشراك القراء والزملاء الشعراء في عملية التلقي والتأويلية بطريقة تفاعلية فورية، الشيء الذي استفدت منه للغاية ومكنني من تطوير ميتا شعرية قوية تجلت في إعادة مساءلتي وتفحصي لنصوصي.

 

ما الذي وهبته الحياة لتجربتك الشعرية؟

- تظل الحياة الثيمة العظمى والأكثر إلهاما وبروزا في الشعر عموما، من خلال تجربتي، بوسعي القول إنني أؤمن بأن الشاعر يأخذ على عاتقه مهمة التعبير عن معاناة اللامرئيين في هذه الحياة الملأى بالعبث، بوضوح أكثر أعتقد أن الشاعر لم يوجد لينكفئ ويعبر عن نفسه فقط وما أورثته إياه الحياة من ندوب أو ذكريات مخاتلة، ومن هنا يمكنني القول إن الفن الشعري السامي هو مرآة كبرى تسمح لنا بعكس تجاربنا، أحلامنا، كوابيسنا ومشاعرنا، وكذلك تقديم صورة انطباعية عن الأحياء الآخرين، المنفيين داخل ذواتهم، المنسيين..

 

ما الصفة التي تفضلين أن يتم تعريفك بها؟

-كوني كتبت وتدرجت لسنوات في جل الأجناس الأدبية، مما جعلني أملك قبعات متعددة، حاليا أفضل أن يتم تعريفي بالكاتبة لأنني أجدها كلمة أكثر شمولية، ببساطة لا أرغب في أن يتم تصنيفي أو حصري داخل إطار واحد، كما أنني أحب أن يتم تعريفي كمترجمة لأنني فخورة بهذه المهمة السامية التي أسهم بها في إعادة إنتاج ونقل نصوص متنوعة ومهمة إلى القارئ العربي.

 


إلى أي حد يمكنك اعتبار الأدب سلوكا لا هواية فحسب؟
- أعتبر الأدب أسلوب حياة، وأنا كنت ولا زلت ضد من يعتبرون أن الأدب مجرد هواية، احتكاما إلى أنه في بلداننا العربية لا يمكننا احتراف الأدب كمهنة مدرة لدخل مالي قار، بالنسبة إلي، وبغض النظر عن المكاسب المادية واعتبار العرب أن مهنة "كاتب" ليست بمهنة أساسا بل وسخريتهم أحيانا ممن يقدم نفسه كمُمتهن للأدب، فإن الكاتب المحترف هو الذي يمارس الكتابة كسلوك يومي وحياتي مقدس، وهو العارف والخبير بقواعد وأدوات وتقنيات الكتابة، والذي يتماهى مع حِرَفِيٍّ ماهر يشكل ويُطَوِّعُ طين الكلمات كما شاء..، إنه ذاك الكاهن الذي نذر نفسه لخدمة معبد الإبداع بإخلاص ودون قيد أو شرط، ودون انتظار فعلي لأية مكافأة أو اعتراف..

 

أي التجارب الشعرية التي تتابعينها باستمرار؟

- أنا متابعة جيدة للعديد من الأقلام الشعرية المميزة والممتازة في كتابة قصيدة النثر على وجه الخصوص، سواء على مستوى الوطن العربي أو الغربي، وفي بلداننا، ثمة حاليا الكثير من التجارب الشعرية المجددة والملهمة، والتي ترسم جداريات لواقعنا وتناقضات هذا الزمن الغريب، لا يسعني ذكر أسماء معينة لكنني لا بد وأن أشيد بكل صدق ومحبة بتفرد نصوص النثر اللافتة للنظر والناضحة بالجمال التي يقدمها على وجه الخصوص عدة مبدعين عراقيين شباب في الآونة الأخيرة.

 

لم تكتبين؟
-ببساطة، الكتابة بالنسبة إلي بمثابة منفذ الإغاثة من هذا العالم العبثي والواقع الناضح بالقبح والزيف، أيضا، أكتب لأن شعاري كان وسيظل مقولة الكاتب المغربي العالمي "محمد شكري": قل كلمتك قبل أن تموت..!".

كلمة تقولينها كرسالة لهؤلاء الذين يتحدثون دوما عن كساد الشعر؟
-منذ مدة، قرأت في مقال فرنسي عن تراجع وكساد الشعر أنه صار يلقب ب: "أب الأدب المهجور"، لكن بكل موضوعية، أعتقد أن الشعر فن حي وباق رغم تراجعه في الفترة الأخيرة، لعدة أسباب أبرزها إحجام معظم دور النشر عن تبني الدواوين بدعوى أن مبيعاتها ضعيفة للغاية لأن الشعر ما عاد مطلوبا، وكذا افتقارنا إلى قراء انتقائيين يقدرون الشعر وجمالياته، كون جل قراء عصرنا هذا يهتمون أكثر بالمتعة والقراءات الخفيفة التي لا تتطلب منهم بذل مجهود فكري لسبر أغوار النص، أيضا، هناك جملة مستفزة إلى حد ما يرددها العديد من الفاعلين في مجال صناعة النشر منذ سنين، ألا وهي إننا

نعيش في عصر الرواية، لكنني لا أتفق بالمطلق مع هذه الأحكام والآراء، لأنني لا أظن أن الشعر آخذ في الانحدار وآيل للامِّحاء، كون الشعر مقارنة بالأجناس الأدبية الأخرى هو بمثابة طائر الفينيق، المتجدد، المنبعث، المتحرر، والذي لا يُقهر أبدا، إنه كيمياء آسرة تدمج بين الروح والقلب والخيال، إنه الشكل القرائي الوحيد الذي يتماهى مع طقس تصوف، ويسمح لنا بالاقتراب من المطلق، من التجلي الحر، وبلوغ مرتفعات الحلم ومهاوي الألم الإنساني في آن واحد.

 

الكاتبة في سطور/
سلمى الغزاوي هي صحفية، قاصة، شاعرة، وروائية ومترجمة من مواليد مدينة فاس/المغرب.
*خريجة كلية الحقوق قسم قانون خاص باللغة الفرنسية/ جامعة سيدي محمد بن عبد الله/ فاس.
*كاتبة صحفية بالقسم الثقافي بجريدة الأخبار المغربية، وصاحبة عمود "ممنوع على الرجال" لما يناهز العامين (سابقا).
*نشرت كتاباتها النثرية والشعرية وكذا مقالاتها وترجماتها في العديد من الجرائد والمجلات والمواقع الثقافية، كجريدة كل الأخبار العراقية، مجلة الشارقة الثقافية، مجلة الدوحة الثقافية، مجلة الشبكة، مجلة نخيل عراقي، مجلة الناشر الأسبوعي..إلخ.
*عضو لجنة تحكيم جائزة تسراس للإبداع الروائي.
*رئيسة قسم الترجمة بمجلة التقارب الثقافي.
*شاركت في عدة معارض وفعاليات وملتقيات ثقافية كما نظمت العديد من الأمسيات الشعرية.
*وصلت ترجمتها لرواية علامات الساعة بيننا للائحة القصيرة لجائزة القراء 2023.
*تناول أعمالها عدة نقاد وأكاديميين عرب، كما سجلت عدة أطروحات وبحوث ورسائل ماجستير حول أعمالها الروائية بجامعات كل من المغرب والعراق.
* الإصدارات:
* كتاب إلكتروني بعنوان يوميات نزيلة في المشفى/ 2012
*مجموعة قصصية: مقامات مخملية، قصص مستوحاة من روائع الأغاني المغربية، عن أنفو برانت، 2015
*رواية تيلاندسيا/ دار كيان للنشر والتوزيع، مصر، 2017
*رواية ذاكرة قاتل/ دار اكتب، مصر، 2018
*ترجمة رواية آخر يوم لمحكوم بالإعدام لفيكتور هوجو، عن دار اكتب، مصر، 2018
*مجموعة قصصية: في غفلة الانتظار عن منشورات إديسيون بلوس، المغرب، 2019
*رواية أوركيديا سوداء/ جحيم شاعر/دار اكتب، مصر، 2019
* الترجمة الكاملة لديوان أزهار الشر لشارل بودلير عن دار اكتب، مصر، 
2020
*رواية قبل النهاية بقليل/ حيث كل شيء ممكن، عن دار فضاءات، الأردن، 2021.
*الترجمة العربية الأولى للكتاب الفكري: عن القراءة للكاتب الفرنسي مارسيل بروست/ منشورات الهجان، العراق، 2021 .
*ترجمة رواية السقطة للكاتب الفرنسي ألبير كامو، عن دار فضاءات، الأردن، 2021.
*الترجمة العربية الأولى لرواية علامات الساعة بيننا، للروائي السويسري شارل فرديناند راموز، عن دار القلم العربي، معرض الرباط الدولي للكتاب/ المغرب، 2022.
*الترجمة الحصرية لرواية جزيرة السيدة إليوت، للكاتب الفرنسي المعاصر كريستوف غيومو، بمنحة من المركز الثقافي الفرنسي بمصر، عن دار دوّن/ مصر/ معرض القاهرة الدولي للكتاب 2023.