loader
MaskImg

حوارات

إن الإسلامفوبيا أدتْ لاتجاهٍ عكسي لرغبة الناس في تعلم اللغة العربية

breakLine


حوار خاص بوكالة نخيل عراقي
مع أستاذ اللغة العربية عمر محمود منصور

حاوره الكاتب الإيراني سعيد دهقاني

 


الحوار خاص بوكالة نخيل عراقي


يجلس أمام حاسوبه المحمول ويتحدث إلى أهل العالم بلغة واحدة؛ بالطبع لمن يريد أن يتعلم لغته الأم.ولا يترك أي سؤال دون إجابة. يعامل الآخرين باحترام. إنه ليس مدرسًا للغة العربية فحسب، بل إنه أيضًا قدوة واضحة للمهاجرين العرب. اسمه "عمر محمود منصور". ولد في مصر لكنه يعيش في إسبانيا منذ سنوات عديدة. وهو يقول " لدي بعض الطلاب الاوروبيين الذين لديهم شغف في فهم ما يجري في العالم العربي خصوصا بعد هذه النزاعات الطويلة في سوريا والعراق وليبيا وهم يريدون أن يفهموا سيكولوجية هذه الشعوب وما يدور في عقولها وفي قلوبها".

■■


● أنا سعيد دهقاني، كاتب و صحافي إيراني، مهتم بقضايا الثقافة واللغة العربية، طلبت عبر الانترنت من السيد عمر محمود منصور أن يحدثني عن تحديات اللغة العربية في أوروبا. وقد علمت بالفعل أن الرجل متواضع وعلى الأرجح سيقبل طلبي. فما تقرأونه أدناه هو نص أسئلتي وإجاباته معي :


سعید: تقوم بتعليم اللغة العربية من خلال الانترنت لمحبي هذه اللغة. وأنا شخصياً كنت من الذين تعلموا منك الكثير رغم بعد الكيلومترات. أخبر جمهور هذه الوكالة بما حققته خلال السنوات التي قضيتها في تدريس اللغة العربية لشعوب العالم؟

عمر: الحمد لله خلال تجربتي في تعليم الناس اللغة العربية ساعدت كثيرا من غير الناطقين باللغه العربية في فهم النصوص العربية وفهم قواعد الكلام العربي ، وتختلف اهداف المتعلمين بين طلاب في الجامعات الاوروبية ومسلمين يعيشون في اوروبا يريدون أن يفهموا دينهم وبين مسلمين يعيشون في بلدان اسلامية يريدون ان يتعمقوا في دراسة الثقافة والحضارة العربية الاسلامية. وكذلك اناس مرتبطون بازواج او زوجات من بلدان عربية ففي هذا المجال اعلم الناس اللهجة العامية المصرية واغلب من يتعلمها يكونون من النساء اللاتي تزوجن بافراد واشخاص من مصر.
والحمد لله رأيت نتيجه عملي في هؤلاء الطلاب الذين درسوا معي فبعضهم صار يتكلم بشكل جيد جدا وبعضهم يعيشون في مصر الان ويتكلمون مع الناس وبعضهم يوضح لي ويرسل لي انه الان يستطيع فهم الاعمال الدرامية في التلفاز المصري بشكل جيد جدا وهذا من دواعي سروري عندما يرى المرء نفسه قد افاد الناس..


سعید: هل الجيل الثاني والثالث من المهاجرين العرب إلى أوروبا مهتمون بتعلم اللغة العربية؟

عمر: في الحقيقة ما أراه ان الامر ليس كذلك فهناك ملايين من الناس في اوروبا من اصول عربية لكن من يريد ان يتعلم منهم اللغة العربية قليل جدا، لماذا؟ لان الجيل الثاني نعم يعرف بعض الكلمات من عائلتة التي قد سمعها من ابيه ومن أمه ومن أقاربه الذين يتحدث معهم احيانا ويحدث نفسه دائما يقول لماذا احتاج الى اللغة العربية وانا اعيش هنا في هذا البلد واتعامل بهذه اللغة الاجنبية وهي لغتي في المدرسة ولغتي في العمل ولغتي دائما في هذه الحياة فاللغة العربية بالنسبة له هو شيء من ارثه العائلي وارثه الثقافي يعني لا يرى فيها ضروره ملحة ويرى ان الامر لا يستحق كثير من المعاناة في سبيل تحقيقه. لكن الجيل الثالث هو مندمج تماما في البلاد الاوروبية وفي امريكا ويكاد يكون من اهل هذه البلاد لا يفرقه عنه شيء الا ان اصولا له كانت عربية او اسلامية. نعم. هناك فئة منهم يريدون التعلم لكن لا يبدو انها فئة كبيره جدا.. والحق يقال ان ابناء المسلمين من اصول غير عربية في أوربا هم اكثر الناس حرصا على تعلم اللغة العربية..


سعيد: ما هي اقتراحاتك للعائلات التي تعيش الآن في أوروبا أو أمريكا وترغب في أن يتعلم أطفالها اللغة العربية بشكل صحيح؟

عمر:  نصيحتي تتلخص بأن تكون العائلة مجتمعه دائما مع مجتمع عربي ومختلطة به، فعندما يذهب الطفل الى المسجد كثيرا ويجتمع مع ابناء عرب ويكون بينهم طعام وشراب ورحلات ومراسلات يكون اقرب الى مجتمعه الاصلي العربي اما اذا تفرد وحده وصار بعيدا عن هذه الكتلة  المجتمعية فيصير الامر اصعب. فنرى مثلا بعض المجتمعات في اوروبا ما زالوا يحافظون على لغتهم الاصلية رغم انهم يعيشون في اوروبا منذ سنوات كثيرة مثلا المجتمعات التركية في اوروبا ما زالت محافظة على التكلم باللغة التركية فيما بينهم لماذا لان هذه مجتمعات قريبة جدا من بعضهم البعض ويعني هذا أن مجتمعاتهم في اوروبا شبه مغلقة ليست منفتحة كثيرا على المجتمعات الاوروبية فمثلا الاتراك غالبهم الاعم يتزوجون فيما بينهم ولهم محلاتهم الخاصة ولهم تقاليدهم الخاصة ولهم حياتهم الخاصة في اوروبا لا يعيشون عيشة الاوروبيين تماما لكن عندهم شيء ما يفعلونه، فهم يعيشون حياة تركية في اوروبا ويجتمعون كثيرا فيما بينهم وهذا يقف وراء اسباب تكلمهم التركية الى يومنا هذا في كثير من البلاد الاوروبية..


سعيد: لديك العديد من متعلمي اللغة العربية من جميع أنحاء العالم. ومن الطبيعي أن تكون الدول الإسلامية، وخاصة الدول العربية، أكثر تقبلاً لتعلم اللغة العربية. لكن السؤال هو، في الثقافات غير الإسلامية، من هم الأشخاص الذين يهتمون بتعلم هذه اللغة ولماذا؟

عمر:  اذا كان لدي العديد من متعلمي اللغة العربية من جميع انحاء العالم ومن الطبيعي ان تكون الدول الاسلامية اكثر تقبلا لتعلم اللغة العربية فمن المهم السؤال هل في الثقافات غير الاسلامية يعني في هذه الشعوب التي لديها ثقافة غير اسلامية هل من لديهم نهم واهتمام بتعلم اللغة العربية؟ نعم، صحيح هذا، وليست لأسباب دينية. يعني عندما اقول لك ان الناس من اندونيسيا او باكستان او المسلمين في اوروبا يتعلمون اللغة العربية لاسباب دينية خالصة فالاوروبيون مثلا غير المسلمين او غير المتدينين بالمطلق لماذا يتعلمون اللغة العربية يعني تتفاوت اهدافهم بين الاهتمام بالثقافة العربية مثلا يدرسون في اقسام تتعلق بالدول العربية او الثقافة العربية او الادب العربي او الترجمة الى اللغة العربية او سيعملون في الدبلوماسية ويريدون ان يعملوا في البلاد العربية في القنصليات والسفارات وايضا من يهتم بالموسيقى فهناك قسم كثير من الراقصات اللاتي يجدن الرقص الشرقي لديهن اهتمام خاص بتعلم اللغة العربية وخاصة اللهجات منها اللهجة المصرية لان لديهن نهم في معرفة معنى الكلمات التي يتراقصن عليها في الموسيقى العربية وخاصة المصرية.
وكذلك هناك نسبة من غير المسلمين الذين يعملون في البلاد العربية، لدي الطلاب او طالبات كثيرات يعملن في شركات الطيران كمضيفات ومن اهتماماتهن انهن يردن تعلم اللغة العربية لانهن يعملن في شركات طيران عربية وخاصة في الخليج العربي..
كذلك من المثير معرفة ان الناس ينظرون الى اللغة العربية كلغة صعبة فبعض الناس يضع هذه اللغة كتحد يريد ان يثبت لمعارفه ولنفسه ولذويه انه قادر على التكلم باللغة العربية لانه اذا تكلم باللغة العربية سيتكلموا بلغة صعبة فيقول متباهيا للناس انا اتكلم العربية وهذا وارد جدا وقد رايته في مسيرتي دائما أسال الناس ما الذي دفعك لتعلم اللغة العربية فبعضهم ذكر لي هذا انا أريد أن اتكلم هذا لأنني رأيت بعض اصدقائي يتكلم الصينية او اليابانية او الروسية فانا اخترت لغة صعبة ايضا مثل العربية لاتعلمها..


سعيد: هل أدت معاداة الإسلام أو في القول المتعارف عليه ال "إسلاموفوبيا" في أوروبا إلى انخفاض اهتمام الأوروبيين الأصليين باللغة العربية؟

عمر: لا استطيع أن افتي لك في هذا لأنه لا خبره لي في تعليم اللغة العربية قبل الاسلامفوبيا يعني بحكم سني وبحكم خبرتي في هذا المجال انا بدات في عصر الاسلامفوبيا فما اراه جليا امامي ان هذا لم يؤثر كثيرا بل قد ارى ان الاسلامفوبيا ادت الى اتجاه عكسي لرغبة الناس في تعلم اللغة العربية وفهم ما يجري فلدي بعض الطلاب الاوروبيين الذين لديهم شغف في فهم ما يجري في العالم العربي خصوصا بعد هذه النزاعات الطويلة في سوريا والعراق وليبيا هم يريدون ان يفهموا سيكولوجية هذه الشعوب وما يدور في عقولها وفي قلوبها وبعضهم سافر الى هذه البلاد حتى يحتك بهم عن قرب كما قلت سابقا لا استطيع ان احكم على هذه القضية لانه لا خبره لي في هذا المجال قبل ظهور الاسلامفوبيا..


سعيد: كما تعلم، أنا إيراني وقع في حب اللغة العربية وأتعلم هذه اللغة. أعتقد أن عدد أمثالي في بلدي قليل مقارنة بعدد السكان وأهمية اللغة العربية. هل لديك أي شيء لتقوله حول هذا؟

عمر:  في الحقيقة، من خلال تعاملي مع عدد الراغبين في تعلم اللغة العربية أرى ان الايرانيين لديهم اهتمام كبير جدا في تعلم اللغة العربية لم اكن أعرف هذا وأنا أعرف ان الايرانيين يتعلمون شيئا من اللغة الفصيحة العربية في مدارسهم لكن لم اكن اعرف ان الايرانيين لديهم هذا الاهتمام الكبير بعض الايرانيين وهم ليسوا كثيرين لديهم اهتمام بتعلم اللغه الفصيحه او يريدون أجادتها، فهم يشتكون انه في مدارسهم تعلموا شيئا لا يتكلمون به فيريدون ان يتعلموا شيئا يتكلمون به ويتعاملون مع الناس بهذا اللسان. ومن تجربتي مع الايرانيين أرى ان الكثير منهم يريد ان يتعلم اللهجات فبعضهم يتعلم اللهجة العراقية لاسباب ثقافية ودينية ولاسباب الجوار ايضا وبعضهم يريد ان يتعلم اللهجة اللبنانية ومما اثار دهشتي ان كثير منهم يريد ان يتعلم اللهجة المصرية وكنت أسال نفسي لماذا؟ فوجدت انهم مهتمون جدا بالأفلام والمسلسلات والاغاني والموسيقى المصرية ولدي الكثير من الاصدقاء الايرانيين الذين يتعلمون اللهجة المصرية..


سعيد: اليوم، يعتقد العديد من العرب أنهم يعرفون اللغة العربية جيدًا، لكنهم لا يستطيعون التحدث باللغة العربية الفصيحة بطلاقة. فهل لهذه القضية جذور تاريخية أم أنها قضية جديدة في العالم العربي؟

عمر: نعم هذه مشكلة اللغة العربية ورأيي المتواضع وقد أكون مخطئا ان الاصل في ذلك هو ان اللغة العربية ظلت جامدة جمودا كبيرا، فلغة القران الكريم ظلت هي اللغة واللسان المعياري الذي يحكم على ما سواه بالصحة او بالخطاء. ومن خلال هذه اللغة وكما نعرف ان اللغة اية لغة دائما في تطور مستمر، لماذا؟ لان اللغة كائن حي يتجدد ويختلف من بيئة الى بيئة ويترك الناس الصعب فيها ويذهبون الى السهل منها، وهذه ليست صفة اللغة العربية فقط وانما صفة لأي لغة في العالم فاذا تحدثنا مثلا عن اللغة اليونانية وجدنا ان اللغة اليونانية القديمة ليست هي التي يتحدث بها الناس الان لكن اللغة العربية لانها لغة كتاب مقدس ومهم جدا بالنسبة للذين يدينون بالإسلام صارت هذه اللغة التي استخدمت في القران الكريم هي اللغة المعيارية ولانها لغة قديمة نوعا ما فتمتاز ببعض الصعوبات التي لا يمكن ان يتجاوزها المرء وتظل اللغة معيارية بل سيقال عن هذا التجاوز هذه عامية وهذه لهجات. ورأيي المتواضع اننا ذهبنا إلى اللهجة والى العاميات من اجل تجاوز الصعوبات التي وجدناها في اللغات المعيارية. فالمواطن العربي الان يتعامل بلغتين في الحقيقة لغة معيارية يسمعها في المسجد من الخطيب او في التلفاز او يقرأها في الكتب ولغة يستخدمها في الشارع مع عوام الناس وهذا واضح جدا حتى في مدارسنا في مصر ياتي معلم اللغة العربية فيعلم الاطفال اللغة العربية ويعلمهم بلسان عامي واضح لا يستطيع ان يستمر في الكلام بالفصحى اكثر من خمس دقائق انه لا يستطيع هذا ورايت هذا في الجامعة، دكتور اللغة العربية لا يستطيع الحديث طويلا باللغة الفصيحة لا لانه يمل من هذا بل لانه غير متمكن من هذا لا يستطيع، نعم يستطيع الكتابة والقراءة بالفصحى لكن لسانه ليس متعودا على الحديث طويلا بها فانه عندما يتكلم يجد امامه الفتحة والضمة والكسرة وهذا يضعه في حرج أمام الطلاب فتراه يلجا كثيرا الى الحديث بالعامية هذا مثال واضح على اننا نعيش في ازدواج لغوي، وليس هذه إلا مشكلة كبيرة، كما أن حلها ليس بسيطا لأنك يجب ان تفرض على الناس في وسائل الاعلام ان يتحدثوا باللغة الفصيحة وثم الشارع العادي سيقلد هؤلاء الذين يظهرون في وسائل الاعلام من ممثلين او مغنيين او ما شابههم من اناس مؤثرين وهذا امر ليس سهلا يحتاج الى كثير من الجهد ويحتاج الى ارادة كبيرة وهما غير متوفرين في الوقت الحاضر ولا رغبه لدى المسؤولين في البلاد العربية في السير في هذا الاتجاه فيبقى الحال على ما هو عليه..


سعيد: الآن من الأفضل أن تلجأ إلى نفسك. أريدك أن تشرح لي عن نفسك. ما الذي دفعك إلى تدريس اللغة العربية؟

عمر: أنا درست اللغة العربية في الجامعة و كان لدي شغف التكلم باللسان العربي فقد نشأت في اسرة متدينة وكان أبي دائما يضع المذياع على اذاعة القران الكريم، فصار لدي هذا الشغف، وذهبت الى الجامعة ودرست اللغة العربية هناك وكنت متفوقا في دراستي ولله الحمد، ثم بعد ذلك عملت مدرسا في المدارس الحكومية المصرية وقبل ذلك كنت اتعلم اللغات وتعرفت على اللغه الاسبانية وتعلمتها وصار لدي اصدقاء من تلك البلاد التي تتحدث الاسبانية وطرحوا علي فكرة تعليم اللغة العربية ورأيت بعض النماذج لمعلمين يعلمون الانجليزية والاسبانية و وعشقت هذه الفكرة، ثم بداءت من العام 2014 في هذا المجال ولله الحمد، لا استطيع أن أقول أنني بدأت ماهرا، كما يجب ان يبدا الانسان ويخطئ كثيرا ثم يتعلم من تجاربه. وما شجعني كثيرا في هذا المجال أنني تعرفت على ثقافات كثيرة وتعلمت منهم الكثير، كما تعلمت أن استمع الى وجهات نظؤ مختلفة، واحترام الثقافات المختلفة وان تسمع وترى من الناس مباشرة لا ان تسمع عنهم فعندما يحدثك انسان عن الثقافة الاوروبية ليس مثل ما تراها انت بعينك او تعيشها او ان تخالط انسانا اوروبيا مباشرة فلا يعطيك احد حكمة عن شيء وانما تاخذ انت حكمك مباشرة من هذا الشيء. وايضا شجعني على هذا المجال هو انني وجدت نفسي اتطور شيئا فشيئا بمخالطة الثقافات المختلفة وجدت عقلا مستنيرا يوما بعد يوم وان الدنيا واسعة ورحبة، وتتسع للجميع وليس فقط للون واحد بل بها الوان كثيرة وان من جمالها اختلافها لأن الاختلاف هو قانون الجمال وهو شرط الجمال فاذا كان الناس على لون واحد وعلى مذهب واحد صارت الدنيا بلا جمال ويجب علينا ان ننظر الى هذا الاختلاف على انه ركن اساس من اركان الحياه..
شجعني ايضا هذا المجال على اختلاطي بغير العرب ومعرفة ببعض لغاتهم، كما انني صرت افهم اللغة فهما مختلفا الان لا اتحدث عن اللغة العربية ذاتها وانما اتكلم عن اللغة عامة عن هذا الكائن الحي الذي تنطقه ألسنة الناس في الصين وامريكا واوروبا وافريقيا وكل مكان فصرت افهم كيف تبنى اللغة، واهميتها، وكيف يصير الانسان فصيحا وكيف يصير بليغا وصرت انظر الى اللغة الى بناء يتم بناؤه . والى الاساسيات التي لا يستغنى عنها ثم انظر الى الاعمدة وانظر الى الحوائط وانظر الى الديكور وانظر الى الطلاء وانظر الى الابواب وانظر إلى النوافذ وانظر الى كل تفصيل من تفصيلات هذا البناء، فيتبين لي أن اللغة مثل هذا البناء ايضا فيه من الاساسات وفيه من الجدران وفيه من الطلاءات وفيه من الديكورات وفيه من النوافذ وفيه من الأبواب، ولا ابالغ في هذا التشبيه لكن هذه هي الحقيقة فعندما نتحدث عن اللغة، وعن الجملة في اي لغة فان فيها أساسيات لا يمكن الاستغناء عنها وفيها شيء من الطلاء وهو الزخرفة كما يمكن الاستغناء عنه فان اخطات انت في الزخرفة لا مشكلة في ذلك لكن لا يمكنك ان تخطئ في الاساس هذا مقصدي من هذا التشبيه فعندما نعلم اللغة لأي شخص يجب ان نبدا بالاساس ونترك الزخرفة والديكور الى وقت آخر ولا يهم ذلك، يجب ان ننشئ بنياننا قويا متينا ثم بعد ذلك عندما يتيسر لنا الوقت وعندما يتيسر لنا الجهد يمكن ان نبدأ بالثراء وتحسين هذا البناء شيئا فشيئا..


سعيد: كمدرس للغة العربية، هل تعلمت لغات أخرى؟ بالطبع، باستثناء الإنجليزية والإسبانية.

عمر: نعم. انا تعلمت إلى جانب الإنجليزية  والإسبانية، إذ لدي مستوى في اللغة الايطالية وتعلمت شيئا من اللغة العبرية كانت هذه فرصة لي في الجامعة لاننا كنا ندرس الفارسية أو العبرية فجاء حظي ونصيبي العبرية فتعلمت شيئا من العبرية في الجامعة وايضا الان اتعلم اللغة الفارسية ولدي بعض الحظ اليسير في هذه اللغة. لا أستطيع أن اقول انني اعرف الكثير لكن أستطيع أن اقدم نفسي وان افهم بعض الاشياء البسيطة في اللغة الفارسية وانا سائر في هذا ان شاء الله أريد ان يتم الله لي هذا الامر وان افهم اللسان الفارسي وان افهم الثقافة الفارسية بشكل أفضل من الان..


سعيد: في نهاية هذه المقابلة، أود منك أن توجه جملة قصيرة لكل الجمهور، وحتى غير جمهور "نخيل العراقي"، ما الفائدة التي حصلوا عليها من تعلم اللغة العربية؟

عمر: اما كلمتي في نهاية هذه المقابلة، فإن اللغة اية لغة هي وسيلة لا غاية فلا معنى لتعلم لغة لمجرد ان تقول انني افهم هذه اللغة فاذا كنت تسالني يا عمر اية لغة تنصح بها ان تتعلم أقول لك ماذا تريد؟ هل تريد ان تعيش في بلد ما لا يتكلم العربية؟ فيجب عليك تعلم هذه اللغة لانها وسيلتك للتفاهم مع الناس. ومقصدي من هذا الكلام انك عندما تتعلم لغة يجب ان يكون واضحا امامك الهدف من التعلم والتكلم بهذه اللغة لانك ستسير في طريق طويل تبذل فيه الكثير من الجهد فلا معنى ولا عقل أن يقال لك انك يجب ان تبذل وقتا وجهدا كثيرا في شيء لا طائل منه فيجب عليك ان تحدد الهدف قبل ان تسير في الطريق لا ان تسير في الطريق ثم تفكر في الهدف هذا ضرب من الجنون..
ان رحلة تعلم اللغات اية لغة كانت عربية او غيرها رحلة طويلة لا يمكن ان اعطيك كوبا فيه ماء وبعض الحبوب او بعض الامور الكيماوية وأقول لك ان شاء الله ستشرب هذا وبعد أسبوع ستتكلم العربية. لا. هي رحلة طويلة شاقة، ستبذل فيها المال، ستبذل فيها الجهد والوقت. والوقت غال وثمين..
اذا قضيت اربعة او خمسة او ستة سنوات تتعلم لغة وفي الاخير تجد انك لا تستفيد شيئا من هذه اللغة فهذا ضرب من الجنون، ومضيعة للوقت والجهد، يجب ان يكون هدفك واضحا منذ البداية. حدد هدفك ثم سر إليه إن كنت تحتاج هذه اللغة في شيء ما اي شيء في اي هدف فسر إليها، اما ان كانت هذه اللغة لا فائده لك منها ولا طائل مادي او ثقافي او ديني سيعود عليك من هذه اللغة فلا حاجة لك في هذه اللغة لانك ستبذل الغالي والثمين في تحصيل شيء لا نفع منه..

سعيد: شکرا جزیلا