loader
MaskImg

حوارات

أيوب سعد، الشاعر الذي يرى موت الحب بداية له

breakLine

وكالة نخيل عراقي/ خاص

 

علي الكرملي/ صحفي عراقي

 


شاعر حالم. أسَرَتهُ ليالي الجنوب، بعد سنوات النزوح الصعبة من "فيروز شابور" نحو جبال كردستان. أبى أن يستسلم لكل تلك المآسي، فاختار المواجهة بالقصيدة.

عذابات الحب ومعها الفقد ومسيرة النزوح والطفولة الظالمة، تجمعت كلها صنعت من أيوب سعد، الشاعر الذي تعرفه الأنبار اليوم، لا بل البلاد وما وراءها من البلدان القارّة، رغم قصر حكايته مع الشعر.

مؤخراً صدرت له المجموعة الشعرية الأولى "الذين لا يملكون سوى نظراتهم" عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب" وهو بمنتصف عشرينياته، الأمر الذي دفعنا لإجراء هذا الحوار معه، لنتعرف عليه عن قرب.

• بطاقة تعريفية بنص نثري مقتضب.. كيف ستكون؟

أنا قرين الضوء
أعرف تأريخ الشمس
تضيء النجومُ
من يديَّ المصابة بالجدري.
هكذا أحب أن أعرفني بقصيدة "الطلوع" لـ "برتو نادري" وهو شاعرٌ من أفغانستان.

• غالبا ما يصور الشعر أحلام ومعاناة وقصص شاعره؛ ما هي خطوتك الأولى للقصيدة؟

فعلاً. الشعر يفعل كل ذلك، يصور الأحلام ويعرض المأساة، يذهب نيابة عنك إلى حديقة الأزهار والعمل، يحمل عنك كل المخاوف ولكنه يتردد من نثرها في الريح.

أعتقد أن القصيدة هي خطوة واحدة فقط. نفسٌ طويل لطريقٍ ينتهي فجأة دائماً. كتبت الكثير من القصائد بحالة انفعالية يدفعني العالم أو ظرف ما فيه إلى الشعر فأتعثر بخطوتي. هكذا تُخلق القصيدة لدي.

• ما هو أكثر ما عزز علاقتك كشخص مع الشعر؛ مدينتك وطبيعتها، أم روابط أخرى؟ 

للمدينة الأنبار الجزء الأكبر بتعزيز علاقتي مع الشعر، وخصوصاً الجزء الذي يتعلق بالطفولة. كانت طفولة ضاجة بالشغب والمشاكسة، بالحرمان والفقر، كل هذه الظروف أو الأجزاء التي حملتها من طفولتي ساهمت في تعزيز علاقتي مع الشعر حين كتبته.

أنا أظن أن مفهوم الشعر لدي هو لُعبة والشاعر هنا طفلاً، طفل يلهو مع لعبته ولا يستبعد فكرة أحقيتها بأن تتحطم يوماً ما، لذا دائماً أعود إليَّ كطفلٍ في الكتابة أو الحديث عن الشعر.

بالتأكيد هناك العديد من الروابط التي تتداخل في حياتك اليومية فتعمل على تقوية علاقة الشاعر بالشعر، مثل  الحب والصداقة والفقد، والمسافة بين الرغبة والإرادة.

• حدثنا عن إصدارك الأول.. كيف تم وكم استغرق؟

صدرت مجموعتي الشعرية الأولى "الذين لا يملكون سوى نظراتهم" عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب" عام 2021. في البدء تم ذلك عبر صديقي الشاعر عامر الطيّب الذي قرأ المجموعة وحررها أيضاً. بعدها تحدثنا عن  الطباعة ودار النشر واختيار العنوان وغلاف الكتاب، وببساطته هذه تم الامر.  

لم يستغرق ظرف الطباعة كثيراً، كان أقل العام. أما عن كتابة قصائد المجموعة، فهي ما كتبته في السنوات الماضية ورأيته جديراً بان ينشر.

• من هم الذين لا يملكون سوى نظراتهم؟

من لديهم الحق في الرؤيا  فقط، ولا حق لهم أو إرادة في امتلاك ما يرونه، هكذا تقول لك الأشياء: "تحسر".

• متى تكتب القصيدة؟

لست أنا من يحدد الوقت الذي عليَّ الكتابة فيه ليلاً كان أو نهاراً، إنما الحالة التي أعيشها هي المسؤولة عن تحديده، وما يهمني حين أكتب هو البحث عن الهدوء لا أكثر من ذلك ولا أقل.

• الموت حاضر في قصائدك، مثله مثل الحب.. هل من علاقة بينهما؟

أنا أرى أن الحب يولد بعدما يموت، أي أن لهفة البداية أعتبرها انطلاقة أولية لرحلة البحث عن الحب، رحال لا يدرك أو يعي مخاطر دروب رحلته، ومع ذلك فقد ارتحل استجابةً لرغبةٍ ما دفعته، وحين يجرب الرحلة وتنتهي يلاحظ الكسور والخدوش التي أصابته. وقتها يفهم سبب كل شيء ومسببه.

أعتقد أن الحب لا يأتي في الوقت الذي تعيشه فيه بحب، بل بالوقت الذي تفهم فيه الحب نفسه. لذا أنا أجعل موت الحب بداية له. فانتهائه نقطة تمكنك من إدراكه.

• كيف تنظر لدور الشعر في الحياة؛ هل يمكن أن يمثل بادرة للتغيير إلى ما هو أكثر هدوءا من العنف والاستقطابات، سواء كانت سياسية أو مجتمعية؟ خصوصا وأنت ابن مدينة عانت ما عانته لسنوات.

الشعر في الحياة أب لأشيائها، وفي حياتي هو حاجة يومية فأنا بالشعر سواء قرأته أو كتبته فبهِ أدحرج حياتي، وبرأيي أن الشعر عنصر توثيق أكثر من كونه عنصر تغيير في الحياة وكل مجرياتها، فربما ليس باستطاعة الشاعر أن يوقف العنف أو الدم في مكان ما بالقصيدة، ولكن بكل تأكيد بإمكانه نبذه ورفضه وتوثقيه عبرها.  

• هل تعتقد أن الشعر يجب أن ينطلق من قاعدة ثقافية رصينة -وهو المتعارف عليه غالبا- أم لك رأي آخر؟

نعم أعتقد أن الشعر يجب أن ينطلق من  قاعدة ثقافية رصينة، والأهم من ذلك ضرورة العمل على بناء تلك القاعدة ابتداء من نقطة معينة واستمراريتها، ففي النهاية الشعر تجربة وحري بكل تجربة أن تنتقل من مرحلة إلى أخرى كعملية بناء منظمة.

• كيف تنظر للآراء التي تقول إن قصيدة النثر أضرت بالمفهوم العام للشعر، وفتحت الباب أمام كثر ليسوا لهم علاقة بالشعر، قياسا بالقصيدة الموزونة؟

أنظر إلى الآراء حول قصيدة النثر وأضرارها بالمفهوم العام للشعر، على أنها آراء آتية من الرهبة والخوف من التجديد، والإصرار بالمحافظة على القالب المتوارث والاستمرار عليه، واعتبار أي تحديث يمسه هو دخيلٌ وشاذ أيضاً، وسيطمره ويحل محله. 

• ما إصدارك المقبل؟

"نشيد للوردِ الذابل" أو "تنبح الكلاب في الأنبار تنفيذاً للأوامر"، لا أعرف، هذا سر.