loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

عن محنة العمال في العراق "الدليفري مثالاً"

breakLine
2023-06-08

 


محمد هشام | مدون عراقي


يقول : أوديسيوس ملك جزيرة إيثاكا اليونانية الأسطوري في الإلياذة والأوديسة (كثرة الأمراء سوء كفى سيد واحد ملك واحد) والحقيقة أنه لبؤس ما بعد بؤس أن يخضع المرء لسيد واحد يستحيل الوثوق بطبيعته ما دام السوء في مقدوره متى أراد، وأيضا تعدد الأسياد يعني تعدد البؤس الذي ما بعده بؤس وبقدر ما نملك منهم يكون البؤس موازيا لهم

وهذه هي محنة الفرد العراقي منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة وصولاً لحكومات ما بعد الغزو الامريكي للعراق عام ٢٠٠٣ م، تناوبت جميع الحكومات بمختلف أشكالها وأبعادها وطرق سيطرتها على السلطة والأستئثار بها، على توزيع البؤس والضيم والحرمان على العراقيين
كُل حسب سيده، فوظيفة الأسياد والمتنفذين وصناع الملوك، والقرار السياسي والأمني في العراق توزيع البؤس على العراقيين كُل بطريقته وبحسب ما يُحب ومتى ما يُحب واضعاً مصير من هم دونه رهن تعددية الأسياد

فعلى سبيل المثال يعرف الجميع أن أغلب العاملين
في مهنة الدليفري والتي وظيفتهم قيادة الدراجات النارية وتوصيل أحتياجات المُستهلك للمكان الذي يختاره، أن أغلبهم لا بل سوادهم الاعظم ينتمي للأحياء الفقيرة المهمشة التي تغزوها كل أشكال أنعدام الفرص، ولا تتمتع بأياً من مستلزمات الحياة اليومية ولن ترى فيها الأجيال تباعاً إلا شكلاً وأحداً للحياة وأية حياة؟! تلك التي يحددها الأسياد بلا شك

يروي لي أحد الأصدقاء (علي صباح ٣٠ عاماً) عامل (دليفري) عن ما يواجهه خلال أوقات عمله من ممارسات
تُبين مدى عمق الأستئثار بالسلطة والأصرار على إذلال الفرد العراقي وخصوصاً الطبقة العاملة منهم بشكل ينسف كل ما نص عليه دستور العراق بعد ٢٠٠٣م من أحترام للكرامة الأنسانية والمساواة في الحقوق، وتجريم كل أشكال الفساد والأبتزاز وأستغلال المناصب الحكومية لأغراض شخصية

يتعرض الصديق (علي) بشكل يومي أثناء ممارسته لعمله في قيادة دراجته النارية التي تنظر الأجهزة الأمنية ورجال شرطة المرور لها على أن صحابها متهم حتى تُثبت براءته، لشتى أنواع المضايقات وحالات الأبتزاز، بل حتى الأهانات اللفظية التي غالباً ما توجه له من قبل شرطة المرور التي تُضيق الخناق على حركتهم عبر تسجيلها لمخالفات لم يرتكبوها بغية أبتزازهم وأستحصال الرشاوي منهم بشكل علني

يروي صديق آخر يعمل كسائق دليفري أيضا تفاصيل أكثر وضوحاً لما يواجهونه من حالات أبتزاز ومحاولات أستحصال الرشوة العلنية من قبل رجال شرطة المرور حيث قال : (كنت متوجهاً يوم أمس من المنصور بأتجاه شارع حيفا لتوصيل أحدى الطلبات واذا بأحد منتسبي شرطة المرور يعترض طريقي من دون مخالفة تُذكر ليقوم بأحتجاز دراجتي ليطالبني بمبلغ قدره ٢٥ الف دينار عراقي لأطلاق سراحها) ليقف الصديق الراوي حائراً
بين رشوة هذا المنتسب الفاسد وبين مصادرة مصدر رزقه ووسيلة عيشه

هذا السلوك الجشع والفاسد يضعنا في مخاطر عدة من ضمنها عدم تردد العمال في العراق في السير على طريق المهن الخطرة لضمان المستلزمات المعيشية لعائلاتهم، حتى من دون توفر أي ضمانات لمواجهتهم مخاطر الإصابات وتعويضها في حال حصلت، وأثرت على حياتهم، فمحاولة كسب القوت اليومي وتدبير أبسط الأحتياجات هي الهدف الأول لشريحة ليست فقط كبيرة، بل تزداد وتنتشر في مختلف مدن البلاد.

وهذا غيض من فيض مما يواجهه عمال العراق من قسوة في العمل وأستهلاك جشع لطاقاتهم البشرية من قبل أصحاب العمل خصوصاً في فصل الصيف وأثناء أرتفاع درجات الحرارة يُصاب الكثير منهم بضربة الشمس نظراً لأنهم لا يتمتعون بأي وسائل حماية ولأنهم مضطرون للعمل من دون أن يأخذواً في الحسبان أرتفاع درجات الحرارة لتأمين معيشة ذويهم، ليتلقفهم الأسياد الصغار التي يواجهونهم كل يوم في أوقات العمل كلقمة سائغة
سهلة الهضم

وغير ما ذكرناه الكثير من قصص التضييق على طبقة العمال وملاحقة مصادر عيشهم ومحاولات  بعض رجال الأمن أستغلال ما تمنحه أزياءهم من سلطة لتركيع العمال  وتضييق الخناق عليهم ومص دماءهم ومحاربتهم بوسائل عيشهم وحرمانهم من حق التنقل بالحرية التي نص عليها دستور ما بعد ٢٠٠٣ م ليبقى العمال في العراق عرضة لنهش كلاب الفساد
وكعكة يتقاسمها الأسياد المتعددين

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي