loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

شيءٌ عن منجز النواب الشعري

breakLine

عبد علي حسن || كاتب عراقي

 

 في ذات اليوم الذي أُعلن فيه عن رحيل الشاعر العراقي مظفر النواب ، وقبل أن يواري جسده تراب الوطن الذي ظلَّ مخلصاً لقضيته طيلة العقود الثمانية التي عاشها وتحمّل ما تحملّه من أجل أن يبقى شريفاً داخل الوطن وخارجه ، تعالت بعض الأصوات المشكّّكة بشاعريته ومواقفه ، على أن دوافع هذه الأصوات معروفة وتنحصر بين حاقد وحاسد لم يتمكن من الوصول إلى ما وصل إليه مظفر وهي اصوات غير بريئة قطعا ، 

 

وأخرى كشفت عن ضعف معرفي بالشعرية العراقية وتحديدا بالعامية من الشعر مشيرة إلى ابتذال العامية في الوقت الذي تجري فيه حالياً إنجاز دراسات وتأسيس معاهد لدراسة اللهجات وتقعيدها كما في بريطانيا وبعض الدول الاسكندنافية وضمن الدراسات الانثروبولوجية ، وكلا الصوتان يكشفان عن هشاشة الموقف والتسرع المنفعل حول شاعر يقلُّ الاختلاف حوله ، ومن الممكن اعتبار ما سأقوله عبر منشوري هذا ردّاً موضوعياً على مزاعم تلك الأصوات الناشزة .


 كما يعرفُ الجميع  فإن المنجز الشعري للراحل مظفر النواب يتوزع على شكلين  الشعر العامي والشعر الفصيح ، ولئن اغتنت القصيدة العاميّة عنده بجملة من التقنيات التي نقلت القصيدة العامية العراقية التقليدية من الوجدانية والغرضية التقليدية الىٰ منطقة تعبيرية حديثة لاتقل عن التأثير والمنجز الذي أحدثته حركة شعر التفعيلة من تحول في بنية الشعر العربي ، وتلتقي قصيدة مظفر العامية مع قصيدة رواد قصيدة التفعيلة من حيث اتجاهاتها وأهدافها ، وأسهمت قصيدته مع تجارب الشعراء الذين كتبوا العامية الحديثة امثال الشاعر شاكر السماوي وعزيز السماوي والشيباني وغيرهم في تثبيت اركان الشعر العامي الحديث ، فاقتربت من الهموم الجمعية للفرد العراقي في نضاله من أجل مجتمع خالٍ من كلّ اشكال القهر والاضطهاد ، ولايمكن فصل هذا الاتجاه عن التبني الأيديولوجي لمظفر خلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ، 

 

فقد امتدت طاقة المفردة العامية التعبيرية كما عرفها في الريف العراقي وانطلقت من فنون القول الشعري العامي من محافظات واستعارات ليتسع مداها الدلالي وطاقتها التعبيرية التي اقتربت من الوعي الجمعي البسيط والمركب ، فلم تكن مفرداته مبتذلة بقدر ملامستها للشعور الوجداني والوطني للفرد العراقي أياً كان مستوى وعيه الثقافي ، فسكنت قصائده قلوب العراقيين على امتداد مساحة الوطن ، 

وصرنا نحفظ قصائده عن ظهر قلب ، لذا كان مصدر ثراء نصه الشعري هو المجتمع ونضال الشعب ، وقد نجح في أن يحوز نصه على مقبولية جمعية تتحدث بلسان كل فرد عراقي ، وشكّلت هذه الحيازة قوة نصه المؤثر عبر تحميله الرسالة الوطنية والإنسانية ، وحين ضاقت به سبل البقاء في الوطن حمل حقيبته الشعرية واحزانه صوب الغربة ، فكان لابد من وسيلة اتصال عابرة المحلية صوب المقبولية العربية ، 

فكانت تجربته الناجحة في كتابة القصيدة الفصيحة التي أشعلت الشارع الوطني والقومي العربي عبر تصديها للأنظمة العربية التي تخاذلت أمام العدو الصهيوني وانتهكت حقوق شعوبها في العيش بكرامة وآباء ، لذا فإن انتقاله لكتابة النص الفصيح لم يكن هروباً من ابتذال اللهجة العامية كما يدعي البعض وانما لاعتقاده السليم بضرورة التعبير بشكل أكثر شمولية وتأثير من العامية المحلية العراقية التي هي الأخرى حازت على تفاعل واستجابة العرب لها كما استجابت  لقصيدته الفصيحة التي لم تخذله اللغة في كتابتها بل كانت متناسبة بكل توجهاتها مع حالة الأنظمة العربية المتشاغلة عن هموم شعوبها الوطنية والقومية .
أقول ذلك لمن عاب على مظفر مفرداته العامية وعدم تأثير نصه الفصيح ، لقد كان نصه بمثابة المنشور السياسي المعبّر عن المواطن العربي اينما كان ، وهنا يكمن سبب تأثير وخلود تجربته الشعرية المستمدة من واقع الوطن ومشاغله الأساسية ، فصارت على كل لسان عراقي وعربي ، وفي ذلك تحقيق لرسالة تجربته الشعرية على المستويين الوطني والإنساني والجمالي فحاز التقدير من الجميع.

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي