مقالات ادبية واجتماعية وفنية
المؤرخ الاميركي هوارد زِن : مؤلف كتاب " التاريخ الشعبي للولايات المتحدة "
لطفية الدليمي - كاتبة عراقية
هوارد زن Howard Zinn الذي أطلق مقولته العظيمة (( المعارضة أعلى درجات الوطنية )) رحل عن عالمنا في 27 كانون الثاني 2010 وهو الاستاذ الجامعي و الكاتب المسرحي والمؤرخ والناشط اليساري الذي قلب مفهوم تدوين التاريخ وصناعة كتابة تاريخ الشعوب في كتابه الكبير والممتع ( التاريخ الشعبي للولايات المتحدة ) >
اسهم زِن منذ مطلع الستينيات في الانشطة المناهضة للعنصرية وحركات الحقوق المدنية ورفض الحرب التي شنتها امريكا في فيتنام وافغانستان والعراق ،ولم يكتفِ كاكاديمي مرموق وكاتب مسرحي ومشارك في انتاج واخراج عدد من الافلام الوثائقية المهمة - بالمكانة الاجتماعية والمرتب العالي الذي ضمنه له التدريس في الجامعات - بل اندفع يشارك الشباب والملونين والفقراء همومهم في ساحات المعارضة والأنشطة السياسية مدفوعا بفكرته البارعة : ( إن المعارضة هي أعلى درجات الوطنية ) فانتقاد الحاكم والسلطة حسب هوارد زِن ماهو الا عملية تقويم وتأشير للخلل السياسي حرصا على سلامة المواطن والوطن وحقوق المواطنة وثروات البلاد ومصائر البشر ، وكتابه الشهير ( التاريخ الشعبي للولايات المتحدة) الذي باع مليوني نسخة واستمر في المرتبة الاولى لقائمة كتب البيست سيللر في امريكا حتى 2003 ، كتاب يعنى بالقاريء العام وليس النخب المثقفة وقد ألهم الكتاب بعض صناع السينما في الولايات المتحدة ودول اميركا اللاتينية – ويدرس راهنا في المدارس الثانوية ومعظم الجامعات في الولايات المتحدة - وهوكتاب مؤثر وبليغ وفريد من نوعه لاختلافه عن اعمال المؤرخين الرسميين الذين دونوا تاريخ الرؤساء والملوك والخلفاء والغزاة من وجهة نظر المهيمن القوي القاتل الغازي أما هو فقد - دون التاريخ من وجهة نظرالعامة و المسحوقين والفئات المضطهدة والمهمشين -كتب عن معاناة الانسانية عبر نحو 500 سنة بدء بغزو كريستوف كولومبس للعالم الجديد وقيامه بابادة جماعية للسكان الأصليين استمرت حتى يومنا هذا واتسعت محارقها إلى أنحاء الارض .بفضل نزعة التوسع والاستهانة بدماء الشعوب ،وهو القائل عن عار الحروب بأنه ( لايوجد عَلَم كبير يكفي ليغطي عار قتل البشر الابرياء) وقد صدرت كتب مرافقة او مستلهمة من كتابه ومنها كتاب ( أصوات التاريخ الشعبي ) الموجّه للشباب بصيغة روائية مزينة برسوم غرافيكية ، قال عنه صديقه المقرب الناشط واللغوي نعوم تشومسكي ( لقد غير عمله التاريخي الطريقة التي ينظر بها ملايين الناس الى الماضي ) ..
وفي مقابلة اجرتها معه ( اسوشيتد بريس) سنة 1998 اعترف هوارد زِن بأنه ( لم يحاول كتابة تاريخ موضوعي او تاريخ مكتمل ( فكتابي ماهو إلا رد على الكتابات التاريخية التقليدية وهذا هو العمل الأول وليس الأخير للطراز الجديد من الكتابة التاريخية، فليس ثمة شيء إسمه القصة الكاملة او التاريخ الكامل ،كل قصة تبقى غير مكتملة ..)
من بين ابرز المعجبين به المخرج الشهير توم شدياك مخرج الفلم الوثائقي الجديد ( I Am) الذي قدم في فيلمه ضمن مقابلات مع مفكرين وكتاب وناشطين -مقابلة مع هوارد زن تبين وجهة نظره في سؤال - من نحن وماذا نريد ؟؟ ومن ابرز المعجبين الذين تأثروا به الثنائي السينمائي بن افليك ومات دامون اللذين نشآ بالقرب من هوارد زن صديق عائلتيهما فكان أن تعرفا إلى فكره وكتابه منذ صباهما المبكر ،يقول بن أفليك عن زن : لقد علمني كم هي المعارضة قيّمة وضرورية للديموقراطية ولأمريكا نفسها ، وقال لي أن التاريخ يصنعه جميع الناس وليس النخبة ، وسوف احمل المعارف التي تعلمتها منه طوال حياتي لانقلها الى ذاكرة أبنائي )
سحر هوارد زن بشخصيته الكارزمية وتواضعه طلبة الجامعات التي عمل فيها وأثر في مسارات حياتهم ، ومن بينهم ( أليس وولكر) التي كتبت رواية ( اللون الارجواني) ،عمل زن استاذا في جامعة بوسطن ، ومن بين كتبه كتاب ( اللغز الجنوبي ) وكتاب ( لاغوارديا في الكونغرس ) والعمل الوثائقي ( لايمكنك ان تكون محايدا وانت في قطار متحرك ) الذي قام مات دامون برواية التعليق عليه ، ومن أعماله المسرحية ( ابنة فينوس ) و مسرحيته المونودرامية الشهيرة ( كارل ماركس في سوهو ) التي عرضت في باريس ربيع 2010 ،ينتقد فيها ماركس اداء الشيوعية الذي ابتعد عن حقيقة فكرته و الرأسمالية وما آلت إليه اوضاع البشرية المزرية بتفاقم هيمنة رأس المال ، ويصف الديمقراطية الإنكليزية والأمريكية بقوله لا تعدو الانتخابات فيهما إلا مجرد سيرك و مهما كان اختيار الناخبين وبصرف النظر عن هوية حارس النظام الفائز فالأغنياء هم الذين يستمرون في تسيير أمور البلاد دوما !!..)
...........................
الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-
او تحميل تطبيق نخيل
للأندرويد على الرابط التالي
لاجهزة الايفون
او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي