loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

التجريب وفلسفة المؤسسات الانتاجية للمسرح

breakLine

 


د. سعد عزيز عبد الصاحب || كاتب وفنان وأكاديمي عراقي


مشكلة البحث :
يعيش التجريب المسرحي ازدواجية مزمنة ما بين مشروعه الفكري والجمالي وايديولوجيا المؤسسات الانتاجية التي تحيط الفنان المجرب بالرعاية والعناية والمال لغرض الخروج بنتائج ملموسة للبرهنة على الفرضيات التي يفرضها المبدع المسرحي ، فمعظم المؤسسات الانتاجية تحاول جاهدة ان تجير المنتج الفني الخارج من المعمل التجريبي لصالحها وعلى وفق ما ترمي اليه من افكار ورؤى وسياقات ثقافية تنتمي لنسق مغاير عن اهداف التجريب المسرحي الحرة والصافية والتي تهدف الى استنبات اشكال جديدة تخرج عن المألوف والسائد وتنشق عن كل اتجاه وتيار قار وثابت ليظل هذا الصراع وهذه الاشكالية قائمة بين فعل التجريب والمجرب من جهة والمؤسسة الانتاجية التي تحاول ان تدعم هذا الفنان المجرب لاسباب براغماتية (نفعية) تارة وسسيوـ ثقافية تخدم مركزية الدولة وبرامجها تارة اخرى ، او ان يستظل المبدع بظلال الحداثة منقوصة القيمة او المنفصلة عن القيمة بحجة التجريب بنسق الفن للفن كما يعبر المفكر المصري عبد الوهاب المسيري في اطروحته عن الحداثة وما بعدها حين يحاول المبدع ان ينفصل عن مجتمعه ومشكلاته وعلله الجوهرية ويركن الى ما هو جمالي محض ومجرد من محتواه الاجتماعي والثقافي منطويا على ذاته منكفئا عليها لينأى المبدع المسرحي بنفسه عن نسق عصره الثقافي مقصيا بارادته عنه ، او ان يكون المبدع التجريبي مشغولا بهموم عصره وساعيا للبحث عن الاسلوب الانجع لتمثيل ايديولوجيا العصر ليكون ابداعيا تابعا لمركزية السلطة التي يعيش في ظلالها اذ يجدها نظاما متعاليا يؤمن بأشاعته وان هويته الفكرية وتجلياته الجمالية مقترنة بذلك النظام الذي اصبح تابعا له وهذا ما سعت اليه المؤسسات الثقافية للانظمة الشمولية التي جعلت من خيال المبدع ومختبره التجريبي صوتا لترسيخ منطلقاتها السياسية وهذا ايضا ما نجده يتجلى بأنصع صوره في التجارب المسرحية التي انتمت بالكامل لترسيخ قيم (الواقعية الاشتراكية ) مثالا ثقافيا يتوجب الاخلاص له وتنفيذ استراتيجيته الممنهجة ، في حين بقي المبدع التجريبي الحر والذي لا يرتضي ان يرتبط فضاءه الفكري والجمالي بمؤسسة مركزية تفرض اجندتها وسياساتها الثقافية عليه بقي مقصيا مهمشا يبحث عن يوتوبيا بعيدا عن المؤثرات تحوي نزعاته التمردية على سلطة النسق المعاصر في سعيه لجعل الخطاب الجمالي تمثيلا للاحتجاج السياسي والرفض الابدي لكل اشكال الهيمنة الايديولوجية وادوات انتاجها القسرية ، وحاول مبدعون حقيقيون الانصهار مع التحولات السياسية في بلادهم والشروع بالتجريب على اساس من التماهي الايديولوجي مع الخطاب الجديد لثورة 1917 فهذا المخرج والممثل الروسي الشهير (مايرهولد) يحاول ان يقرأ النظرية الماركسية من منطلقات تجريبية في مسرحه الشرطي فيوظف المفاهيم العلمية لدمجها بمفاهيم الواقعية الاشتراكية فأتخذ من (التايلرية) وهي مفهوم اقتصادي انتاجي محض ليقربه من عمل الممثل في كيفية التعبير الجسدي باقل عدد من الحركات كما في المعمل حينما يقلل العامل من حركاته الزائدة فانه يحصل على انتاج اكبر ، وحينما اراد (مايرهولد) التمرد على مفاهيم الواقعية الاشتراكية في احترامها للخزين الادبي للامة الروسية من منطلقات تجريبية اخذ يوظب مسرحية المفتش العام لـ(غوغول) على وفق مفاهيمه في الاسلبة والشرطية امتعضت جهة الانتاج المركزية وحاولت عرقلة مختبر مايرهولد التجريبي في اعماله القادمة لانه مس الادب المقدس والمرتبط بالميراث والفولكلور الروسي المحرم ـ من وجهة نظر السلطة ـ على القراءة الجمالية والدلالية الجديدة ، فسحبت دعمها الحكومي عنه تدريجيا الى ان اعتقلته واعدم فيما بعد .

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي