الاختزال الشعري في ديوان التحول للشاعر عبد الرزاق عبد الوهاب حسين

 
عبد الحسين بريسم

قصيدة “حبل غسيل” انموذجا     
      
لا تنشري غسيلك في الشرفات 
فالجنود يملئون الشوارع 
وانا محمل بحقائب الغرباء 
فلا يصح نشر أسرارنا بينهم 
فحياتي لم تعد 
حبل غسيل 
وراسي لم يك
كدس عتاد 
غير ان الحديث 
عن الحرب ممكن 
فلا تدعي النوافذ مشرعة 
انه يوم تناسل الرصاص

هذه القصيدة كنت شاهدا على زمن كتابتها او ولادتها في منطقة حي الحسين القديم في مركز مدينة العمارة حيث كان الشاعر هناك وهو يعجن القمح ليكون صمونا حارا للجياع، صانع الخبز والشعر.
حيث نهل منه الكثير وتأثر بمتنزهه الكثير، الان هم يشار لهم بالبنان.

هو الشاعر عبد الرزاق عبد الوهاب حسين والقصيدة من ديوانه التحول الصادر عن دار الروسم بغداد 2016 صفحة ١٦، والذي ضم أكثر من ٣٠ قصيدة في ١٣٠ صفحة، والذي يحتوي قصائد كتبها الشاعر في سنوات مختلفة من حياته الإبداعية. 
ما يثيرك في قصيدة مدن ميفطة ، يقول الشاعر:

المدن ميفطة
مدنٌ شمال
مدنٌ جنوب
مدنٌ صغيرة
صغيرةٌ كحبة خردل
كخردل لم اعرفه
من قبل
لكنها كحبة خردل
مدن كبيرة
كبيرة كإله
كإله لم اعرفه من قبل
ولكنها كإله 
 ان الشاعر يحدد دون ان يسمي ان هذه المدن هي مجموع مدن الوطن وانت وانا نعرف انه يقصد العراق، يواصل الشاعر مشهده الشعري فيقول في ذات القصيدة:

عندما تشرق الشمس
على اول الجنوب
وتشرق الشمس
على اخر الشمال
ينهض
الحطّابون للبحث عن شجرة ادم
والجزّارون عن ناقة صالح
والسقّاؤون عن الفرات
اما السماء
السماء التي تلد الموائد
ستنحسر بعيداً
بعيداً  
 يمكن ان نعد هذه القصيدة هي من أولى القصائد التي تشير الى الخراب الذي يحصل في البلاد
عن المدن الميفطة ، ان اغلب اشتغالات الشاعر هي يومية لا تنزل الى السرد البسيط وانما تحلق في فضاء الشعر وما بينهما اختزال شعري يكمل المشهد بحيث يعطي صورة مغايرة عن الواقع  وفي ذات الوقت هي الواقع بعينه وبعين الشاعر الذي يخلق عالمه من خلال عالم الاخر ، نلاحظ ذلك في قصائد علبة دخان ص ٢٠ الى الحلاج ص١١٤ وقصيدة رابعة العدوية ص١١٥ واحجية الملك ص٩ ، واكاد أجزم ان كل قصائد ديوان التحول تمضي على ما قلت ، انه الاختزال الشعري الذي يختزل عالما كاملا هو عالم الشاعر عبدالرزاق عبدالوهاب حسين .
وفي ديوانه المهم جدا في الشعرية العراقية التحول الذي أراه من أهم الأعمال الشعرية التي صدرت العقد الاخير من عالم الشعر ديوان التحول الطبعة الاولى دار الروسم بغداد ٢٠١٦.